الآيات الإلهيّة وتكذيب الأنبياء ، ولهذا نرى القرآن في موضع آخر يقول : (كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (١).
أمّا آخر آية من الآيات مورد البحث ، فتجيب ـ مرّة أخرى ـ في جملة قصيرة عميقة المعنى عن أكثر إشكالات المشركين ، فتقول : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) فإنّ كلّ من يتدبّر آيات هذا الكتاب الذي هو أساس التذكّر وحياة القلب ، وحركة الفكر ، وطهارة المجتمع ، سيعلم جيدا أنّه معجزة واضحة وخالدة ، ومع وجود هذه المعجزة البيّنة التي تظهر فيها آثار الإعجاز من جهات مختلفة ... من جهة الجاذبيّة الخارقة ، ومن جهة المحتوى ، الأحكام والقوانين ، العقائد والمعارف ، وو .. فهل لا زلتم بانتظار معجزة أخرى؟ أي معجزة تقدر أن تثبت أحقّية دعوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحسن من هذه المعجزة؟
وفضلا عمّا مرّ ، فإنّ آيات هذا الكتاب تصرخ بأنّها ليست سحرا ، بل هي حقائق وتعليمات غنيّة المحتوى وجذّابة ، أتقولون بعد ذلك أنّها سحر؟
هل يمكن أن توصف هذه الآيات بأنّها أضغاث أحلام؟ فأين هي الأحلام المضطربة التي لا معنى لها من هذا الكلام المنسجم الموزون؟ وأين الثرى من الثريّا؟
هل يمكن أن تعتبر تلك الآيات كذبا وافتراء مع أنّ آثار الصدق بادية في كلّ مكان منها؟
أم أنّ من جاء بها كان شاعرا ، في حين أنّ الشعر يدور حول محور الخيال ، وآيات هذا الكتاب تدور كلّها حول محور الواقعيّات والحقائق؟
وبكلمة قصيرة ، إنّ الدقّة والبحث في هذا الكتاب يثبت أنّ هذه الادّعاءات متضادّة متناقضة غير منسجمة ، وهي كلام المغرضين الجهلة.
__________________
(١) يونس ، ١٠٣.