تشريعيّا ، أي إنّنا جعلنا كلّ أنواع أعمال الخير وأداء الصلاة وإعطاء الزكاة في مناهجهم الدينيّة. ويمكن أيضا أن يكون وحيا تكوينيّا ، أي إنّنا وهبنا لهم التوفيق والقدرة والجاذبية المعنوية من أجل تنفيذ هذه الأمور.
طبعا ، ليس لأي من هذه الأمور صبغة إجبارية واضطرارية ، وحتّى مجرّد الأهلية والاستعداد والأرضية لوحدها من دون إرادتهم وتصميمهم لا توصل إلى نتيجة.
إنّ ذكر (إِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) بعد فعل الخيرات ، من أجل أهميّة هذين الأمرين اللذين بيّنا أوّلا بصورة عامّة في جملة (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) ثمّ بصورة خاصّة في التصريح بهما ، وهذا ما يبحثه علماء البلاغة العربية تحت عنوان ذكر الخاص بعد العام ...
وفي آخر فصل أشار إلى مقام العبودية ، فقال : (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (١).
والتعبير بـ «كانوا» الذي يدلّ على الماضي المستمر في هذا المنهج ، ربّما كان إشارة إلى أنّ هؤلاء كانوا رجالا صالحين موحّدين مؤهّلين حتّى قبل الوصول إلى مقام النّبوّة والإمامة ، وفي ظلّ ذلك المخطّط وهبهم الله سبحانه مواهب جديدة.
وينبغي التذكير بهذه النقطة ، وهيّ أنّ جملة (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) في الحقيقة وسيلة لمعرفة الأئمّة وهداة الحقّ ، في مقابل زعماء وقادة الباطل الذين يقوم أساس ومعيار أعمالهم على الأهواء والرغبات الشيطانية. وفي حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إنّ الأئمّة في كتاب الله إمامان : قال الله تبارك وتعالى : وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا ، لا بأمر الناس ، يقدّمون ما أمر الله قبل أمرهم ، وحكم
__________________
(١) تقديم كلمة (لنا) على (عابدين) يدلّ على الحصر ، وإشارة إلى مقام التوحيد الخالص ، لهؤلاء المقدّمين الكبار ، أي إنّ هؤلاء كانوا يعبدون الله فقط.