إجمالية واستخلاص النتيجة الأخلاقية والتربوية لها والتي سنشير إليها فيما بعد ، إلّا أنّه وردت بحوث كثيرة حولها في الرّوايات الإسلامية وأقوال المفسّرين.
فقال جماعة : إنّ القصّة كانت كما يلي : إنّ قطيع أغنام لبعض الرعاة دخلت ليلا إلى بستان فأكلت أوراقه وعناقيد العنب منه فأتلفته ، فرفع صاحب البستان شكواه إلى داود ، فحكم داود بأن تعطى كلّ الأغنام لصاحب البستان تعويضا لهذه الخسارة الفادحة ، فقال سليمان ـ والذي كان طفلا آنذاك ـ لأبيه : يا نبي الله العظيم ، غيرّ هذا الحكم وعدّله! فقال الأدب : وكيف ذاك؟ قال : يجب أن تودع الأغنام عند صاحب البستان ليستفيد من منافعها ولبنها وصوفها ، وتودع البستان في يد صاحب الأغنام ليسعى في إصلاحه ، فإذا عاد البستان إلى حالته الأولى يردّ إلى صاحبه ، وتردّ الأغنام أيضا إلى صاحبها ، وأيّد الله حكم سليمان في الآية التالية.
وقد ورد هذا المضمون في رواية عن الإمامين الباقر والصادقين عليهماالسلام (١).
ويمكن أن يتصوّر عدم تناسب هذا التّفسير مع كلمة (حرث) التي تعني الزراعة ، ولكن يبدو أنّ للحرث معنى واسعا يشمل الزراعة والبستان ، كما يستفاد ذلك من قصّة أصحاب الجنّة في سورة القلم ، الآية ١٧ ـ ٣٢.
لكن تبقى هنا عدّة استفهامات مهمّة :
١ ـ ماذا كان أساس ومعيار هذين الحكمين؟
٢ ـ كيف اختلف حكم داود عن حكم سليمان؟ فهل كانا يحكمان على أساس الاجتهاد؟
٣ ـ هل المسألة هذه كانت على هيئة تشاور في الحكم ، أم أنّهما حكما بحكمين مستقلّين يختلف كلّ منهما عن الآخر؟!
ويمكن الإجابة عن السؤال الأوّل : إنّ المعيار كان جبران الخسارة ، فينظر
__________________
(١) مجمع البيان ، ذيل الآيات مورد البحث.