ملاحظات
١ ـ «الفرج» معناه في اللغة الفاصلة والشقّ ، واستعمل كناية عن العضو التناسلي ، لا أنّه صريح في هذا المعنى ويرى البعض انّ كلّ ما ورد في القرآن في شأن الأمور الجنسية له طابع كنائي وغير صريح ، من قبيل «اللمس» «الدخول» «الغشيان» (١) «الإتيان» (٢) وغير ذلك.
ويلزم ذكر هذه اللطيفة أيضا ، وهي : إنّ ظاهر الآية المتقدّمة يقول : إنّ مريم قد حفظت طهارتها وعفّتها من كلّ أشكال التلوّث بما ينافي العفّة. إلّا أنّ بعض المفسّرين احتمل في معنى هذه الآية أنّها امتنعت من الاتّصال بالرجال ، سواء كان ذلك من الحلال أو الحرام (٣) ، كما تقول الآية (٢٠) من سورة مريم : (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا).
إنّ هذه الصفة في الحقيقة مقدّمة لإثبات إعجاز ولادة عيسى وكونه آية.
٢ ـ إنّ المراد من «روحنا» ـ كما قلنا سابقا ـ الإشارة إلى روح عظيمة متعالية ، ويقال لمثل هذه الإضافة : «الإضافة التشريفيّة» ، حيث نضيف شيئا إلى الله لبيان عظمته ، مثل بيت الله ، وشهر الله.
٣ ـ تقول الآية آنفة الذكر : إنّا جعلنا مريم وابنها آية للعالمين ، ولم تقل : آيتين وعلامتين ، لأنّ وجود مريم ووجود ابنها امتزجا في هذه الآية الإلهيّة العظيمة امتزاجا لا يمكن معه تجزئه بعضهما عن بعض ، فإنّ ولادة ولد بدون أب إعجاز بنفس المقدار الذي تحمل فيه امرأة بدون زوج. وكذلك معجزات عيسى عليهالسلام في طفولته وكبره فإنّها تذكر بامّه.
إنّ هذه الأمور الخارقة للعادة ، والمخالفة للأسباب الطبيعيّة العادية ، يبيّن في
__________________
(١) الأعراف ، ١٨٩ (فَلَمَّا تَغَشَّاها).
(٢) البقرة ، ٢٢٢ (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ).
(٣) التّفسير الكبير للفخر الرازي ، وتفسير في ظلال القرآن ، ذيل الآية محل البحث.