أمّا إذا أخذناها بالمعنى العامّ ، بحيث تشمل الشياطين الذين أصبحوا محلّ عبادة ، فإنّ مسألة ورود هذه الآلهة إلى جهنّم واضحة تماما ، لأنّهم شركاء في الجريمة والمعصية.
ثمّ تقول كاستخلاص للنتيجة : (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) ولكن اعلموا أنّهم لا يدخلون جهنّم وحسب ، بل (وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ). وممّا يلفت النظر هنا أنّ عبّاد الأصنام سيبتلون بآلهتهم خالدين معها ، تلك الآلهة التي كانوا يعبدونها دائما ، وكانوا يعدّونها درعا واقيا عن البلاء ، وكانوا يطلبون منها حلّ مشاكلهم ومعضلاتهم!
ولمزيد الإيضاح عن حال هؤلاء «العابدين الضالّين» المؤلمة المخزية قبال «آلهتهم الحقيرة» ، تقول الآية محلّ البحث : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ).
«الزفير» في الأصل يعني الصراخ المقترن بإخراج النفس. وقال بعضهم : إنّ صوت الحمار وصراخه المنكسر يسمّى في البداية زفيرا ، وفي آخره شهيقا.
وعلى كلّ حال فإنّه استعمل هنا إشارة إلى الصراخ أو الضجيج المنبعث من الحزن وشدّة الكرب (١).
كما يحتمل أنّ هذا الزفير أو الأنين المؤلم لا يكون مقتصرا على العباد فحسب ، بل إنّ معبوداتهم من الشياطين أيضا يصطرخون معهم.
ثمّ تذكّر الجملة التالية أحد العقوبات الاخرى المؤلمة لهؤلاء ، وهي (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ). وهذه الجملة قد تكون إشارة إلى أنّ هؤلاء لا يسمعون الكلام الذي يسرّهم ويبهجهم ، بل يسمعون أنين أهل جهنّم المؤلم المنغّص وصراخ ملائكة العذاب فقط.
وقال بعضهم : إنّ المراد هو أنّ هؤلاء يوضعون في توابيت من نار بحيث
__________________
(١) لمزيد الإيضاح راجع تفسير الآية (١٠٦) من سورة هود.