والشقاء أن يعزل نفسه عن تيار نهر عالم الخلقة العظيم ، والذي يسير كلّه ببرنامج منظّم؟
ألا تجعلنا مشاهدة الوضع العام للعالم نفكّر في أنّ البشر أيضا يجب أن يخضعوا لنظام عالم الوجود ، شاؤوا أم أبوا ، ويقبلوا القوانين المنتظمة العادلة ، ويعودوا إلى مسيرهم الأصيل ويكونوا منسجمين وهذا النظام.
إذا ألقينا نظرة على بناء أجهزة بدن الإنسان المختلفة المعقّدة ، ابتداء من القلب والمخ إلى العين والاذن واللسان ، إلى بصيلة الشعر ، سنراها جميعا خاضعة لقوانين وأنظمة وحسابات دقيقة ، وإذا كان الأمر كذلك في البدن ، فكيف تقدر البشرية أن تستقرّ بدون اتّباع ضوابط ومقرّرات ونظام صحيح وعادل؟
إنّنا نريد بقاء البشرية ، ونسعى لذلك ، غاية ما في الأمر أنّ مستوى وعي مجتمعنا لم يصل إلى ذلك الحدّ بحيث نعلم أنّ استمرارنا في هذا الطريق الحالي سينتهي إلى فنائنا ، ولكن سنثوب إلى عقولنا تدريجيّا ، ويحصل لنا هذا الإدراك والرشد الفكري.
نحن نريد منافعنا ومصالحنا ، ولكنّنا إلى الآن لا نعلم أنّ استمرار الوضع الحالي سيدمّر مصالحنا ويجعلها هباء منثورا ، ولكنّا نضع نصب أعيننا الأرقام والإحصائيات الحيّة الناطقة عن سباق التسلّح مثلا ، وسنرى أنّ نصف القوى الفكرية والجسمية للمجتمع البشري ، ونصف الثروات ورؤوس الأموال الضخمة تهدر في هذا المجال! ولا تهدر فحسب ، بل إنّها تسعى إلى فناء وإتلاف النصف الثّاني!
وتزامنا مع ارتفاع سطح وعينا سنرى بوضوح أنّنا يجب أن نعود إلى نظام عالم الوجود العام ، ونضمّ صوتنا إليه ، ونتّحد معه.
وكما أنّنا جزء من هذا الكلّ فعلا ، فيجب أن نكون كذلك من الناحية العملية