المكان السامي بأهوائه النفسيّة المعاندة. حيث تأكل هذه الأهواء جانبا من وجوده.
وإذا نجا بسلام منها ، ابتلي بعاصفة هو جاء تدلّه في إحدى زوايا الأرض بقوّة تفقده سلامته وحياته ، ويتناثر بدنه قطعا صغيرة في أنحاء المعمورة ، وهذه العاصفة الهوجاء قد تكون كناية عن الشيطان الذي نصب شراكه للإنسان!
وممّا لا شكّ فيه أنّ الذي يسقط من السّماء يفقد كلّ قدرة على اتّخاذ قرار ما.
وتزداد سرعة سقوطه لحظة بعد أخرى نحو العدم ، ويصبح نسيا منسيا.
حقّا أنّ الذي يفقد قاعدة السّماء التوحيديّة. يفقد القدرة على تقرير مصيره بنفسه. وكلّما سار في هذا الاتّجاه إزداد سرعة نحو الهاوية ، وفقد كلّ ما لديه.
ولا نجد تشبيها للشرك يضاهي في هذا التشبيه الرائع.
كما تجب ملاحظة ما تأكّد في هذا الزمان من حالة انعدام الوزن في السقوط الحرّ. ولهذا تجرى اختبارات على الفضائيين للاستفادة من هذه الحالة ليعدّوا أنفسهم للسفر إلى الفضاء. لأنّ مسألة انعدام الوزن هي التي تؤدّي بالإنسان إلى اضطرابه بشكل خارق أثناء السقوط الحرّ.
والذي ينتقل من الإيمان إلى الشرك ويفقد قاعدته المطمئنة وأرضه الثابتة تبتلى روحه بمثل حالة انعدام الوزن ، ويسيطر عليه اضطراب خارق للعادة.
وأوجزت الآية التالية مسائل الحجّ وتعظيم شعائر الله ثانية فتقول (ذلِكَ) أيّ إنّ الموضوع كما قلناه ، وتضيف (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
«الشعائر» جمع «شعيرة» بمعنى العلامة والدليل ، وعلى هذا فالشعائر تعني علامات الله وأدلّته ، وهي تضمّ عناوين لأحكامه وتعاليمه العامّة ، وأوّل ما يلفت النظر في هذه المراسم مناسك الحجّ التي تذكّرنا بالله سبحانه وتعالى.
ومن البديهي كون مناسك الحجّ من الشعائر التي قصدتها هذه الآية. خاصّة