أمر أو حدث شهده بنفسه. وكون الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم شاهدا على جميع المسلمين يعني اطلاعه على أعمال أمّته ، وينسجم هذا المفهوم مع حديث (عرض الأعمال) وبعض الآيات القرآنية التي أشارت إلى ذلك ، حيث تعرض أعمال أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه في نهاية كل أسبوع فتطلع روحه الطاهرة عليها جميعا ، فهو شاهد على أمّته.
وذكرت بعض الأحاديث أنّ معصومي هذه الامّة الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام هم أيضا شهود على أعمال الناس ، نقرأ في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام قوله : «نحن حجج الله في خلقه ونحن شهداء الله وأعلامه في بريته» (١).
في الحقيقة إنّ المخاطب في عبارة «لتكونوا» وحسب ظاهر الكلمة هو الامّة جميعا ، وقد يكون المراد قادة هذه الامّة ، فمخاطبة الكلّ وإرادة الجزء أمر متعارف في المحادثة اليومية. ومثال ذلك ما جاء في الآية (٢٠) من سورة المائدة (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً). حيث نعلم أنّ عددا قليلا منهم أصبحوا ملوكا.
وهناك معنى آخر لكلمة شهود ، هي «الشهادة العمليّة» أي كون أعمال الفرد أنموذجا للآخرين وقدوة لهم ، وهكذا يكون جميع المسلمين الحقيقيين شهودا ، لأنّهم أمّة تقتدي بهم الأمم بما لديهم من دين يمكنهم أن يكونوا مقياسا للسمو والفضل بين جميع الأمم.
وجاء في حديث عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا بعث الله نبيّا جعله شهيدا على قومه ، وإنّ الله تبارك وتعالى جعل أمّتي شهداء على الخلق ، حيث يقول : ليكون الرّسول شهيدا عليكم ، وتكونوا شهداء على الناس» (٢).
أي كما يكون النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قدوة وأسوة حسنة لامّته ، تكونون أنتم أيضا أسوة وقدوة للناس ، وهذا التّفسير لا يناقض الحديث السابق فجميع الامّة شهداء ،
__________________
(١) كتاب «إكمال الدين» للشيخ الصدوق حسبما نقل عنه تفسير نور الثقلين ، المجلّد الثّالث ، صفحة ٥٢٦. كما أكّدت ذلك أحاديث أخرى في هذا المجال.
(٢) تفسير البرهان ، المجلّد الثّالث ، صفحة ١٠٥.