إدارته؟
فتجيب الآية مباشرة (وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ). إنّ الاستناد هنا إلى مسألة الخلق ، إشارة إلى أنّ قضيّة خلق الكون بنفسها دليل على علم الله تعالى بمخلوقاته وتوجّهه إليها : فهل يمكن أن يغفل الخالق عن مخلوقاته؟!
ويمكن أن تقصد الآية أنّنا نملك سبلا كثيرة لتردّد الملائكة من فوقكم ، ولسنا غافلين عنكم ، كما أنّ ملائكتنا مشرفة عليكم وتشهد أعمالكم.
وأشارت الآية التالية إلى أحد مظاهر القدرة الإلهيّة ، الذي يعتبر من بركات السموات والأرض ، ألا وهو المطر ، حيث تقول : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ).
أنزلنا المطر بقدر لا يغرق الأرض من كثرته ، وليس قليلا بحيث لا يكفي لري النباتات والحيوانات. أجل لو انتقلنا من البحث حول السّماء إلى الأرض لوجدنا الماء من أهمّ الهبات الإلهيّة ، وأصل حياة جميع المخلوقات ، وبهذا الصدد أشارت الآية إلى قضيّة أكثر أهميّة ، هي قضيّة احتياطي المياه الجوفية فتقول : (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ).
نحن نعلم أنّ القشرة السطحيّة من الأرض تتكوّن من طبقتين مختلفتين : إحداهما نفوذية وأخرى غير نفوذية. ولو كانت القشرة الأرضية جميعا نفوذية لنفذ المطر إلى جوف الأرض فورا ، ثمّ يظهر الجفاف بعد هطول المطر وإن استغرق مدّة طويلة ... حيث لا نعثر على ذرّة من الماء!
ولو كان سطح الأرض من طين أحمر لبقي المطر فوق سطح الأرض وتلوّث وتعفّن وشدّة الخناق على الإنسان ، وأصبح سببا لموت الإنسان في الوقت الذي هو أصل الحياة.
إلّا أنّ الله الرحيم جعل القشرة الأولى من سطح الأرض نافذة ، وتليها قشرة غير نافذة تحافظ على المياه الجوفية ، فتكون احتياطا للبشر يستخرجها عند الحاجة عن طريق الآبار ، أو تخرج بذاتها عن طريق العيون ، دون أن تفسد أو