توجّه للإنسان أقلّ أذى (١).
ويحتمل أن يكون هذا الماء الذي نرتوي به بعد إخراجه من أعماق الأرض من قطرات مطر نزل قبل آلاف السنين وخزن في أعماق الأرض حتّى اليوم ، دون أن يتعرّض لتلوّث أو فساد.
وعلى كلّ حال فإنّ الذي خلق الإنسان ليحيا ، وجعل الماء أساسا لحياته ، بل أكثرها أهميّة ، خلق له مصادر كثيرة من هذه المادّة الحيوية وخزنها له قبل أن يخلقه! وبالطبع هناك احتياطي من هذه المادّة الحيوية فوق قمم الجبال (على شكل ثلوج). تراه يذوب خلال السنة وينحدر إلى السهور ، وقسم آخر لا زال فوق قمم الجبال منذ مئات بل آلاف السنين ، ينتظر الأمر بالذوبان على أثر تغيير حرارة الجو لينحدر إلى السهول والوديان ليروي الأرض ويزل العطش عنها.
وبملاحظة حرف الجر «في» في عبارة «في الأرض» يبدو لنا أنّ الآية تشير إلى مصادر المياه الجوفية وليس السطحية.
وتشير الآية التالية إلى الخير والبركة في نعمة المطر ، أي المحاصيل الزراعية الناتجة عنه فتقول : (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ). فمضافا إلى التمر والعنب اللذين يعتبران أهمّ المحاصيل الزراعية فانّ فيها أنواع أخرى من الفواكه كثيرة.
ولعلّ عبارة (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) إشارة إلى أنّ محاصيل هذه الجنّات ذات الخيرات الواسعة لا تنحصر بالفواكه المأكولة فقط ، وأنّ المأكولات تشكّل قسما من خيراتها ، فهذه البساتين (ومنها بساتين النخيل) لها فوائد كثيرة أخرى لحياة الإنسان ، حيث يصنع الإنسان أوراقها حصرا يجلس عليها ، وأحيانا يصنع منها لباسا لنفسه ، ويعمل من أخشابها منازل لسكناه. ويستخرج دواءه من بعض
__________________
(١) ويجب ملاحظة أنّ الماء الملوّث يصفى عند مروره من القشرة النافذة في معظم الأوقات!