فرعون إلى ساحل البحر ، يرغّب ذلك الجيش في المسير في تلك الطرق اليابسة في البحر ، وكان يسير أمامهم ، فقبضت شيئا من تراب قدمه ، أو «مركبه» وأدّخرته لهذا اليوم ، فألقيته داخل العجل الذهبي ، وما هذا الصوت إلّا من أثر ذلك التراب الذي أخذته.
الثّاني : إنّني آمنت ـ بداية الأمر ـ بقسم من آثار الرّسول (موسى) ، ثمّ شككت فيها فألقيتها بعيدا وملت إلى عبادة الأصنام ، وكان هذا عندي أجمل وأحلى.
فعلى التّفسير الأوّل فإنّ كلمة «الرسول» تعني جبرئيل ، وعلى التّفسير الثّاني تعني «موسى» عليهالسلام. «والأثر» في التّفسير الأوّل بمعنى تراب القدم ، وفي الثّاني يعني بعض تعليمات موسى عليهالسلام. و «نبذتها» على التّفسير الأوّل بمعنى إلقاء التراب داخل العجل ، وعلى الثّاني ترك تعليمات موسى عليهالسلام. وأخيرا فإن (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا) تشير ـ طبق التّفسير الأوّل إلى جبرئيل الذي كان قد تجلّى في هيئته فارس ـ وربّما رآه بعض آخر لكنّهم لم يعرفوه ـ إلّا أنّها تشير ـ وفقا للتفسير الثّاني إلى ما كان لديه من معلومات خاصّة عن دين موسى عليهالسلام.
وعلى كلّ حال ، فإنّ لكلّ واحد من هذين التّفسيرين أنصارا ، وله نقاط واضحة أو مبهمة ، لكن ـ كمحصّلة نهائية ـ يبدو أنّ التّفسير الثّاني هو الأفضل والأنسب من عدّة جهات ، خاصّة وأنّا نقرأ في حديث ورد في كتاب (الإحتجاج) إنّ أمير المؤمنين عليا عليهالسلام لمّا فتح البصرة أحاط الناس به ـ وكان من بينهم «الحسن البصري» وقد جلبوا معهم ألواحا يكتبون فيها ما يقوله أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، فقال له أمير المؤمنين بأعلى صوته : «ما تصنع؟» قال : أكتب آثاركم لنحدّث بها بعدكم ، فقال أمير المؤمنين : «أما إنّ لكلّ قوم سامريا ، وهذا سامري