قال عمر : أتدري ما منع قومكم بعد محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت له : إن لم أكن أدري فإن أميرالمؤمنين يدري!
فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوَّة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحاً بجحاً (١) ، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت.
عندها قال ابن عباس : يا أميرالمؤمنين! إن تأذن لي في الكلام وتمط عنّي الغضب ، تكلَّمت ..
قال : تكلَّم.
فقال ابن عباس : أمَّا قولك ـ يا أمير المؤمنين ـ : اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت ، فلو أنّ قريشاً اختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود ، وأمَّا قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة فإنّ الله عزّ وجلَّ وصف قوماً بالكراهة ، فقال : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) (٢).
قال عمر : هيهات يا ابن عباس! قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرّك عليها فتزيل منزلتك منّي.
فقال ابن عباس : ما هي يا أميرالمؤمنين؟ فإن كانت حقاً فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، وإن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه.
قال عمر : بلغني أنك تقول : إنّما صرفوها عنّا حسداً وبغياً وظلماً.
__________________
١ ـ التبجُّح بالشي ، أي الفرح به.
٢ ـ سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الآية : ٤٧.