النهوض لسمعت منّي في أقطارها وسككها زئيراً يحجرك وأصحابك ، أما والله لألحقنّك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع (١).
فبالله عليك ، لأيِّ شيء استحقَّ سعد القتل ، ولم يكن يدعو إلاّ إلى نفسه كما دعا غيره؟
ولماذا كان صاحب فتنة وقد دعا للشورى التي أمر بها الإسلام كما تدّعون؟
قلت : للإنصاف ـ يا خالي ـ قد أدهشني هذا الكلام ، ولكنني لا يمكن أن أصدّق ذلك على الصحابة ، وكأنّي أراك متحاملا عليهم ، وإلاّ ما حفظت كل هذه الشواهد في مثالبهم ، وممَّا يجعلني أشكِّك في كلامك أنّ مثل هذه الأفعال كيف تصدر من الصحابة الذين ربّاهم الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
خالي : لا يا عزيزتي ، لم يكن في الأمر تحامل ، وما أنا إلاّ دارس للتأريخ ، وقد سجّل لنا التأريخ أنّ الصحّابة فعلوا ما فعلوا.
ثمَّ من قال : إنّ مجرَّد الصحبة عاصمة من الخطأ؟ فالصحابة هم مجتمع بشريٌّ يحمل الصالح والطالح ، وكون هنالك رسول اتفق وجوده مع وجودهم هذا ليس كافياً أن ينقل كل ذلك المجتمع من قمّة الجاهليّة إلى قمّة العدالة ، وكم هنالك مجتمعات عاش بينها عشرات الأنبياء لم يمنعهم ذلك من عذاب الله ، فبنو
__________________
١ ـ ذكرها الطبري : ٢ / ٤٥٩ ، الإمامة والسياسة ، ابن قتيبة : ١ / ١٧ ، المصنف ، ابن أبي شيبة : ٨ / ٥٧١ ـ ٥٧٢ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٢ / ٢٥.