تصغر عن النقل ، ويحكم بفسادها كل ذي عقل.
وكان يجيبني في المجلس عن بعضها بما ذكروه من التكلُّفات ، فأردُّه بأيسر وجه ، وقلت له : إن اتّباع الحقّ يحتاج إلى إنصاف ، وترك الهوى ، والتقليد المألوف ، وإلاَّ فمعاجز نبيِّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم الدالّة على صدقه ، كالقرآن وانشقاق القمر لا تبقي لأحد شكاً ، والكفَّار لمَّا سلكوا التعصُّب والعناد والتقليد المألوف لهم ، نشزت أنفسهم عن قبول ذلك ، وقابلوه بالشبهات ، فبقوا على كفرهم ، فاعترف بذلك.
ودخلت إلى عنده يوماً ، فرأيت بين يديه كتباً منها صحيح البخاري ، فتذكَّرت الأحاديث التي فيه : إن الأئمة اثنا عشر ـ فأريته إيّاها ـ وذلك أنه روي في صحيح البخاري بطريقين :
أحدهما : إلى جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : يكون بعدي اثنا عشر أميراً ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنه قال : كلُّهم من قريش (١).
وثانيهما : إلى ابن عيينة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلا ، ثمَّ تكلَّم بكلمة خفيت عليَّ ، فسألت أبي : ماذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال : قال : كلُّهم من قريش (٢).
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ٨ / ١٢٧ ، مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٩٠ و ٩٣ و ٩٥ ، صحيح ابن حبان : ١٥ / ٤٤ ، مسند أبي داوود : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، فتح الباري ، ابن حجر : ١٣ / ١٨١.
٢ ـ مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٩٧ ـ ٩٨ و ١٠١ ، صحيح مسلم : ٦ / ٣ ، السنن الكبرى ، البيهقي : ٦ / ٢٥٤ ، المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ٣ / ٦١٧ ، المعجم الكبير ، الطبراني : ٢ / ١٩٦.