خالي : لقد أثلجت صدري بهذا الكلام الذي ينمُّ عن وعي وشعور كاملين بالمسؤولية ، التي أمرنا القرآن الكريم أن نتحلّى بها من معرفة المنهج القرآنيِّ في المباحثة والمناظرة العلميّة الذي يعترف بالطرفين ، قال تعالى معلِّماً رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم مخاطبة الكفار والمشركين : ( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَل مُّبِين ) (١) ، فانظري إلى هذا التعامل الأخلاقي النبيل ، فلم يقل لهم : إني على حق وأنتم على ضلال ، بل قال : إمَّا نحن أو أنتم على حق أو على باطل .. فهذا هو منهج القرآن عندما طرح للجميع حرّيّة المناقشة قائلا : ( قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (٢) ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يسمع براهينهم ويردُّها بالتي هي أحسن ، وقد سجَّل القرآن نماذج كثيرةً سواء كانت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو مع الأنبياء السابقين ، ففي قصّة إبراهيم ونمرود ، وموسى وفرعون ، خير عبر ، وقد أثبت الله سبحانه وتعالى حجج وبراهين الكافرين في قرآنه ، وأعطاها من القداسة ما أعطى غيرها من الآيات ، ولم يجوّز لمسلم أن يمسَّها من غير وضوء بناء على الفقه الشيعي ، فأين هؤلاء الذين يشنِّعون ويفترون على الشيعة بكل ما هو باطل من هذا المنهج القرآني الأصيل (٣)؟
أمَّا قولك : لماذا لم يتوصَّل أحد لما ذكرت؟
قال تعالى : ( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (٤) ، وقال : ( أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
__________________
١ ـ سورة سبأ ، الآية : ٢٤.
٢ ـ سورة النمل ، الآية : ٦٤.
٣ ـ راجع كتاب الحقيقة الضائعة ، لمعتصم سيد أحمد ، ص ٣٠ تحت عنوان : ملاحظات للباحث لابد منها ، وص ٢١٨ مع إحسان إلهي ظهير.
٤ ـ سورة المؤمنون ، الآية : ٧٠.