فأبدل (حلمي) من ياء المتكلم.
[وقال الآخر] ، [١٠٣ / ب] :
٢٦٣ ـ أوعدني بالسّجن ، والأداهم |
|
رجلي ، ورجلي شثنة المناسم (١) |
فأبدل (رجلي) من ياء المتكلم ، في (أوعدني). فما بال (الذين خسروا) ، لم يجز أن يكون بدلا من الكاف والميم؟.
[قلت : إن] أبا علي زعم أنّ انتصاب (أوس) على أنه مصدر من : أسته أوسا ، فنصب (أوسا) ب (لاحشأنك) لأنه كأنه قال : لأؤوسنّك أوسا ، فلا حجة فيه. وأما البيتان الآخران ، فالبدل فيهما : بدل الاشتمال ، لا بدل الشيء من الشيء ، وهما لعين واحد كما هو في الآية. وأما قول الفرزدق :
... |
|
على جوده لضنّ بالماء حاتم |
فإنه كما قال. جر (حاتما) على البدل من الهاء. وقد روي :
... |
|
... ضنّت به نفس حاتم |
فعلى هذا ، لا حجة في البيت ، على إبدال المظهر من المضمر ، فحينئذ ، الحجة : (ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)(٢) والبيت الذي أنشدتكه. وروي :
... |
|
... ما جاد بالماء حاتم |
فهو حجة ، أيضا. وليس لأحد أن يرفع (حاتما) ب (ضن) أو (جاد) لأن القافية مجرورة وقبله :
٢٦٤ ـ فلمّا تصافنّا إلأداوة ، أجهشت |
|
إليّ غضون العنبريّ الجراضم |
فجاءت بجلمود له مثل رأسه |
|
ليشرب ماء القوم بين الصّرائم (٣) |
على حالة ... |
|
... البيت (٤) |
فكما أن هذه القوافي مجرورة ، فكذلك : ما جاء بالماء حاتم.
وبدل المضمر من المظهر : رأيت زيدا ، إياه.
وبدل المضمر من المضمر : رأيته ، إياه.
واعلم أن الفعل يبدل من الفعل ، كما أن الاسم يبدل من الاسم. وإنما يجوز ذلك ، إذا كان الفعل الثاني ضربا من الأول ، أو : هو هو ، كقولك : إن تأت تمش ، آتك. فتبدل (تمش) من (تأت) لأنه ضرب منه. ولو قلت : إن تأت تأكل ، آتك ، لم يجز ، لأن الأكل ليس من الإتيان ، في شيء.
__________________
(١) من الرجز ، للعذيل بن الفرخ. في : الخزانة ٥ : ١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩٠.
وبلا نسبة في : ابن يعيش ٣ : ٧٠ ، وابن عقيل ٢ : ٢٥١ ، وشرح شذور الذهب ٤٤٢.
(٢) ٢ : سورة البقرة ٢٧.
(٣) البيتان من الطويل ، في : ديوانه ٥٣٩.
تصافنا : اقتسمنا الماء. أجهشت : بكت. الجراضم : الأكول. الصرائم : جمع صرمة ، وهي القطيع من الإبل.
(٤) قطعة بيت من الطويل ، سبق ذكره رقم (٢٦٠).