الفارسي ، والرماني (١) ، وغيرهم ممن سبقوه.
ويعد ابن السراج النحوي الثاني بعد سيبويه ، الذي نقل الواسطي أفكاره فتردد ذكره في كتابه كثيرا (٢).
ج ـ التعليل : ولأن كتاب الواسطي ، كتاب تعليمي ، فقد شاعت فيه العلة التعليمية ؛ لتقريب المسائل النحوية من أذهان المتلقين ، ورافقت ذلك المحاورات التي قامت على (الفنقلة) (٣).
ومن أمثلة ذلك ، قوله في باب المبتدأ : " ولا يبتدأ ، إلا باسم معرفة ؛ لأنك إذا أخبرت عن معرفة ، ذهبت النفس إلى معرفة خبره ، فإن قلت : رجل قائم ؛ لم يستقم ؛ لأنه لا تخلو الدنيا من رجل قائم ، فلذلك كان لا فائدة فيه) (٤).
وقوله في باب الاسم الواحد : (وكل اسم لا ينصرف ، فلحدوث علتين ، أو علة تجري مجرى علتين ، و (إبراهيم) لا ينصرف للتعريف والعجمة ، فإن نكرته انصرف ، وإن أضفت جميع ما لا ينصرف ، أو أدخلت عليه ألفا ولاما ، امتنع منه التنوين ، ودخله الجر ، في موضع الجر ؛ لأنه قد زال شبه الفعل منه ؛ لأن الألف واللام ، والإضافة من خواص الأسماء.
فإن قيل : فحرف الجر من خواص الأسماء فألا صرفته بدخول (الباء) عليه؟.
الجواب : ففيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه لو فعل ذلك ؛ لم يبق في الأسماء ما لا ينصرف.
والثاني : أن الألف واللام ، والإضافة يعاقبان التنوين ، وحروف الجر ليس كذلك ..) (٥).
د ـ الشاهد : استشهد الواسطي بالقرآن الكريم كثيرا ؛ إذ كان حجته الأولى فيما يذهب إليه من مسائل نحوية (٦).
أما الشعر فلم يحظ عنده ، بما حظي به القرآن الكريم ، فكان استشهاده به قليلا جدا ؛ إذ كان ما في نص اللمع من الشعر ، يزيد على ما في شرحه.
وتحرج الواسطي ـ فيما يبدو لي ـ من الاستشهاد بالحديث الشريف ؛ لأنه منقول عن المحدثين بالمعنى ، أو اتّسى بالنحويين السابقين من المصريين الذين لم يحتجوا بشيء منه (٧).
وبعد هذه الجولة ، مع هذه الشروح الخمسة ، ودراسة خصائصها ، أستطيع أن أضع شرح جامع العلوم في الصدارة من تلك الشروح ؛ لما اتسم به من العمق والشمول ، والرصانة ، وبعد الغور ، في استجلاء القاعدة النحوية ، إذ عبر من خلال المنهج الذي وصفناه قبل ، عن إحاطته الفائقة بعلوم العربية ؛ ولا سيما النحو وما يتصل بالقرآن ، إعرابا وقراءات ثم اشتمال شرح اللمع
__________________
(١) ينظر : شرح اللمع للواسطي ٢٣.
(٢) ينظر : شرح اللمع للواسطي ٣ ، ٢٠٥ ، ١٠٤.
(٣) شرح اللمع للواسطي ١٣٥.
(٤) نفسه ٣١.
(٥) شرح اللمع للواسطي ١٤.
(٦) نفسه ٢٤ ، ٩٠ ، ١٢٣.
(٧) الخزانة ١ : ٩.