وتقديرا. أما في اللفظ فهو مرفوع ، وأما في التقدير ، فهو مجرور صفة لرجل.
فإن قال : هذا لا يصح ، وذلك لأن (يضرب) ، إعرابه ليس بأصلي ، وإني عنيت بقولي : وكان له إعراب ، أعني على جهة الأصالة ، فلا يلزمني ما إعرابه بالمشابهة.
قلت : ليس هذا في حدك ، ولو عنيت ذلك ، فأي شيء منعك عن ذكره ، على أنك إن أردته معنى ربما لا يسلم لك أن الإعراب في الفعل المضارع ، ليس بأصلي ، وربما يلزمك خصمك : أن موجب الإعراب في الأسماء ، موجود في الفعل المضارع. ألا ترى أن الاسم ، إنما أعرب ، للفصل بين الفاعلية ، والمفعولية لأنك إذا قلت : ضرب زيد عمرا ، لو لا الرفع في الفاعل ، والنصب في المفعول ، لم يتبين هذا المعنى. ومثل هذا المعنى موجود في الفعل المضارع. ألا ترى : أنك إذا قلت : ما بالله حاجة ، فيظلمك ، بالرفع والنصب ، لو لا الرفع ، والنصب ، لم يتبين المعنى ، لأن في النصب : نفي الظلم ، وفي الرفع : إثبات الظلم ، وإذا كان كذلك ، لزمك الحجة في وجوب إعراب هذا الفعل.
إذن فحده ما أسند إلى شيء ، ولم يسند إليه شيء. مثال ذلك : قام عبد الله ف (قام) فعل ، لأنه مسند إلى عبد الله. ولو أردت أن تقول : قعد قام ، فتسند : قعد ، إلى (قام) ، لم يجز ، لأن الفعل لا يسند إليه ، وإنما يسند إلى غيره. [٣ / أ] فهذا حد صحيح يخرج عليه باب (كان) وباب (عسى ، وليس) وما أشبهه ، ولا يصح حد من قال : الفعل ما دل على حدث وزمان.
لأنه يخرج منه باب : كان ، وليس ، إذ المقصود منه الزمان المجرد ، دون حدث.
وعلامات الفعل أيضا كثيرة ، ولكنها لا تخلو من أحد أربعة مواضع : إما أن يكون في أوله ، نحو : قد ، والسين ، وسوف. أو يكون في آخره ، كاتصال تاء الضمير به ، نحو : قمت ، وقمت.
وإما أن يكون في جملته ، كالتصريف نحو : قام يقوم ، وخرج يخرج. وإما أن يكون في معناه ، ككونه أمرا ، أو نهيا ، نحو : اخرج ، ولا تخرج.
[وأما الحرف] فما جاء لمعنى : ليس باسم ، ولا فعل (١) ، فهذا حده عند سيبويه (٢). وقال أبو علي : ما جاء لمعنى ليس غير (٣) والمعنى الذي أراده سيبويه ، بقوله : ليس باسم ولا فعل ، هو المعنى الذي تحت قول أبي علي : ليس غير ، إذ المعنى في القولين ، ما ذكرته في أول الفصل ، من أن الحرف يجيء لمعنى واحد ليس باسم ولا فعل ، أي ذلك المعنى ، لا يكون في الاسم ، ولا في الفعل ، إذ كل واحد من الفريقين ، يدل على معنيين. وتقدير قوله : ليس غير ، أي ليس غير ذلك المعنى ، فحذف المضاف إليه من (غير) وبناه على الضم ك (قبل ، وبعد). وقول القائل : الحرف : ما جاء لمعنى في غيره ، ليس بحد صحيح ، لأن جميع المصادر ، أسماء ليست بحروف ، وهي تدل
__________________
(١) الكتاب ١ : ١٢.
(٢) هو عمرو بن عثمان بن قنبر (ت ١٨٠ ه). أخذ النحو عن الخليل ، له (الكتاب) في النحو الذي عده اللغويون قرآن النحو. ينظر : مراتب النحويين ٦٥ ، وأخبار النحويين البصريين ٣٧ ، ٣٨ ، وطبقات النحويين واللغويين ٦٦ ـ ٧٤.
(٣) المقتصد في شرح الإيضاح ١ : ٨٤.