يقضى بنفع الناس سائر يومه |
|
ويجفوه في جنح الظلام مضاجع |
فينفكّ عنه يومه وهو ذاكر |
|
وينفكّ عنه ليله وهو راكع (١) |
فبادرته بالسلام عليه ، والذهاب إليه ، لعلمي بأنه ضعيف البنية ، قديم السنّ عسر المشية ، فقابلني بالرحب والترحيب ، وعانقني معانقة الحبيب الحبيب ، وترحّم على شيخ الإسلام وبالغ في الثناء وابتهل في الدّعاء ، ولم يدع شيئا من أنواع الإكرام وأصناف الاحترام وأجناس التلطف في الكلام ، فلم أر أحسن من لقائه ، ولا أزين من ولائه ، ولا أجلى من محادثته ، ولا أحلى من منافثته ، فلم أدر أأرد أم أرود ، وافد على مجالس جود أو مجال سجود ، وقد كان هو اجتمع بشيخ الإسلام في بلاد الشّام حين قدمها قافلا من الحجاز ، وفاز بمشاهدته كل مفاز ، فأكرمه وواخاه وخالله ووالاه ، [٦٧ أ] وشهد كل منهما في الآخر أنه ولي الله ، فلبثنا عنده وقتا نجوب في أرجاء المؤانسة (٢) ونجول ، ثم ودّعناه ومضينا إلى محل النزول ، وأرسل هو خلف شخص من أكابر الرّوم ، ليعلم صاحبنا الوزير بالقدوم ، فأعاد الجواب بأنّه فرح بذلك وسرّ به ، وابتهج غاية الابتهاج بسببه ، وأن ميعاد الاجتماع به يوم الجمعة بكرة أو يوم الخميس عشية لتنقضي ضيافة السّلطان بسبب مهم ختان أولاده للأمراء والينكجرية (٣) ، وهذا المشار إليه هو الهمام المرتضى والحسام المنتضى ، حسنة الأيام وغيث الأنام ، غمام الندا الهاطل ، وحمام العدا العاجل ، ناظم شمل الفريق ، وفاتح باب الأزمة والضيق ، جامع أشتات المعالي ومحرز شرط الكمال ، فلم يصلح إلّا له المقر الكريم العالي الأميري الكبير الوزير المشير العالم العادل الفاضل الكامل المهدي
__________________
(١) البيتان في الكواكب السائرة ٢ : ١٦٦ ، وفي تاج المفرق ٢ : ٣٧ بلا عزو.
(٢) وردت في (ع): «المواقيت».
(٣) الينكجرية : كلمة تركية معناها : الإنكشارية أو الجيش الجديد. انظر : لطف السمر (هوامش المحقق) ١ : ١٠٨.