الوالدة والأولاد بقية تلك الليلة ، في تلك السويعات اليسيرة القليلة إلى أن أذّن داعي الفلاح ، ولمع الفجر بضيائه ولاح ، وسطع وجه المحجة وبان ، فتصدّع الشمل حينئذ وبان : [من الكامل]
قالوا الرحيل وما تملّت باللقا |
|
عيني ولا امتلأت بغير مدامعي |
فتيّقنت روحي بأن مقالهم |
|
أن يصدق الحادي أشدّ مصارع (١) |
فيا لله ما ألفه الصباح من عوائد الفراق ، وما أثره في الأكباد من الانفلاق ، وقلت : [من مخلّع البسيط]
أقول للصبح حين أجرى |
|
عوائدا منه بالفراق |
لا أشكر السعي منك حتى |
|
تكون لي رائد التلاق |
ولما بلغ مولانا المقر (٢) الكريم ، شيخ المسلمين السيّد عبد الرحيم (٣) هذان البيتان [٥ أ] ، أنشدني لنفسه في هذا الشأن قوله : [من البسيط]
__________________
(١) البيتان في تاج المفرق ٢ : ١١.
(٢) المقر : لقب يختص بكبار الأمراء والعلماء وأعيان الوزراء وكتّاب السر ومن يجري مجراهم. انظر :
صبح الأعشى ٥ : ٤٩٤.
(٣) هو بدر الدّين أبو الفتح عبد الرحيم بن أحمد العباسيّ الشافعيّ ، كان ملازما لجد المؤلف ، وكان قد استضاف المؤلف في القسطنطينية سنة ٩٣٧ ه ، ممّا سيأتي تفصيله في هذه الرحلة ، وكانت وفاته في سنة ٩٦٣ ه. انظر : الشقائق النعمانية ٢٤٦ ، حدائق الشقائق ٤١٠ ، الكواكب السائرة ٢ : ١٦١ ، شذرات الذهب ١٠ : ٤٨٦ ـ.