فاستجاب الله سبحانه وتعالى ، وضاعف برّه وفضله ووالى ، وهيّأ أسباب العود إن شاء الله تعالى إلى الوطن ، والرجوع إلى الأهل والسكن ، وذلك أنّا لما خرجنا من الأوكار ، وسرحنا في روضات الجنات بعد ملازمتنا موقد النار ، وانتشرنا في تلك الأرض ، وجمعنا [في اجتماعنا (١)] بالأصحاب بين النافلة والفرض ، اهتم الوزير (٢) بأمرنا غاية الاهتمام ، وأظهر عزم الرجال وكذلك قاضي العسكر وغيره ، الى أن نجح الأمر إن شاء الله تعالى بالتمام ، وحصل المقصود إن شاء الله تعالى على الكمال ، ولله الحمد على توافر نعمائه (٣) وتكاثر امتنانه كما ينبغي لجلال وجهه ، وعظيم سلطانه ، حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه ، يكافئ مزيد كرمه ويوافيه.
ومما حدث في هذه الأيّام أن ورد عليّ كتب (٤) من بلاد الشّام من الأهل والأرقاب والمعارف ، يتضمّن أنّ ابن إسرافيل [١٥٢ أ] قاضي دمشق كتب عروضا بغالب الوظائف ، وذلك من غير معرفة سابقة ، توجب عداوة أو مصادقة ، وإنما ذلك بإيحاء بعض المعاندين ، من الأعداء والحاسدين ، والعجب أن لا نكير من الأصحاب مع الكثرة ، ولا إعانة منهم على المعادين ولا نصرة ، مع سلامة أهل الشّام من أذانا ، وانتفاعهم بتعليمنا وفتوانا ، ولعل ثمّ عذر من الإخوان اختفى علينا الآن ، هذا كلّه مع اقامتي في كل جهة من النواب جماعة ، والقيام بشعائرها ومصالحها حسب الاستطاعة ، وغيبتى في باب السّلطان ، والاعتناء بأموري في بلاد الرّوم من أركان الدولة والأعيان ، فذكرت ذلك لهم فأنكروه وأعظموه جدا وأكبروه ، ثم كتب لي بحمد الله بجميع جهاتي تجديد ، وحكم سلطاني جديد ، وأضيف الى ذلك ما كان أخرج منها عنّا ، ونزع بالعدوان والتدليس منّا ، وازددنا من فضل [١٥٢ ب] الله تعالى جهات أخرى ، فحصل بذلك للمحبين البشرى ، وازداد الشانيؤن خسرا وقهرا ، وكان ذلك بحمد الله تعالى من اللطف الخفي والمن الوفي ، وبالله تعالى استعين واكتفي ،
__________________
(١) زيادة من (م) و (ع).
(٢) وردت في (ع): «الورى».
(٣) وردت في (ع): «آلائه».
(٤) كذا وردت ولعلها : «كتاب».