سلّم عليّ مرارا وتردد ، ولا شكك في اعتقاده ولا تردد ، وتقرّب وتحبّب وتودّد ، وسأل مسائل على وجه الاستفادة في أنواع العلوم ، وسأل في القراة بعد القدوم ، ثم أضافنا إلى مدرستهم الشرفية (١) ، وقدّم سماطا هائلا بأنواع المبرات آهلا [٢٦ ب] وبأصناف الطيبات حافلا.
ومنهم صاحبنا الشيخ العالم الفاضل ، والأوحد البارع الكامل ، ذو القريحة الوقادة ، والفطنة النقادة ، والطبيعة المنقادة ، الفائق في حسن الخبر والمخبر ، شمس الدّين محمد (٢) بن خليل بن الحاج علي بن أحمد بن محمد بن قنبر (٣) ، اجتمع بي في دمشق الشّام المحروس ، وحضر عندي بعض مجالس الدروس ، ولم تزل مكاتباته تفد إليّ وترد كل وقت عليّ ، وكاتبته بمكاتبة لطيفة فيها نكت ظريفة حكيتها في تذكرتي ، وسمع بحلب قصيدتي القافيّة على التمام ، وقد اهتم بقضاء أشغال (٤) لنا غاية الاهتمام ، فجزاه الله عنّا جزاء الحسنى.
ومنهم الشيخ الصّالح المعتقد ، زين الدّين عمر (٥) بن الشيخ الصّالح يحيى ابن الشيخ الصّالح العارف بالله تعالى سيدي محمد الكواكبيّ البيريّ الرحبيّ ، حضر هو وأهله وأهل حارته وسلّم ، وعزم علينا لزاوية جده بالجلّوم (٦) وصمّم ، فذهبنا إليها يوم الجمعة تاسع عشرين رمضان المعظّم ، واستمرينا عندهم وهم لا يمكنونا من التحوّل
__________________
(١) المدرسة الشرفيّة من مدارس الشافعية بحلب سميت بذلك نسبة إلى منشئها شرف الدّين عبد الرحمن العجيميّ سنة ٦٤٠ ه. (معادن الذهب ١٦٤).
(٢) وردت في (ع): «شمس الدّين بن محمد».
(٣) توفي سنة ٩٧١ ه ، وجل هذه الترجمة مثبتة في الكواكب السائرة ٣ : ٥٨ ـ ، وشذرات الذهب ١٠ : ٣١٦ ، وفي در الحبب ج ٢ ق ١ ص ١٣٥ ـ ، وفاته سنة ٩٦١ ه ، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ٦ : ١٩.
(٤) وردت في (ع): «أشعار».
(٥) وردت في (ع): «زين الدين بن عمر».
(٦) الجلّوم : حارة وناحية من نواحي حلب ، بها عدة مساجد وحمّامات خراب. انظر : كنوز الذهب ١ : ٤٨٩.