ربّ من ترجو به دفع الأذى |
|
عنك يأتيك الأذى من قبله |
ربما يرجو الفتى نفع فتى |
|
خوفه أولى به من أمله (١) |
ولم يزل في محبسه بقلعة دمشق ، يرشق بسهام المصائب أي رشق ، إلى أن مات به في السنة الثالثة في جمادى الآخر (٢) ، فنسأل الله العفو والعافية الغامرة ، في الدين والدنيا والآخرة ، آمين [٣٠ أ].
واستخرنا الله تعالى سبحانه ، وقوى العزم على السفر صحبة جانم الحمزاويّ (٣) مع الخزانة ، وقد كنت اجتمعت به مرتين بحلب والشّام ، وحصل منه غاية التعظيم والإكرام ، ثم حصل بيني وبينه محبة زائدة ، وصار له فيّ اعتقاد تام حتى كان لا يخاطبني إلّا بمولانا شيخ الإسلام ، وخرجت (٤) من حلب قبل الزوال من يوم الثلاثاء رابع شهر شوال ، وكانت مدّة إقامتنا بها ستّة أيّام (٥) نصفها مع الفطر ونصفها مع الصيام (٦). وحلب مدينة عظيمة كبيرة قديمة ، صحيحة الهواء ، خفيفة الماء ، واسعة الفناء ، حسنة البناء ، عظيمة المآثر والمعاهد ، كثيرة الجوامع والمساجد ، وكانت من الفتوحات العثمانيّة وإلى آخر دولة بني أميّة مضافة إلى قنّسرين ، ولذلك قلّ ذكرها في كتب المؤرخين. ثم تدرّجت في العمارة وقنّسرين في الخراب والاندراس إلى أن
__________________
(١) البيتان في الكواكب السائرة ٢ : ٢٣.
(٢) سنة ٩٣٧ ه. وفي إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء (٥ : ٤٥١): «أنّ عيسى باشا دس له سما فمات».
(٣) هو جانم بن يوسف الجركسيّ الحمزاويّ ، أمير الخزانة المصرية ، قتله سليمان باشا بأمر السّلطان في سنة ٩٤٤ ه. انظر : الكواكب السائرة ٢ : ١٣٢ ، إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ٥ : ٤٧٣.
(٤) وردت في (م) و (ع): «فخرجت».
(٥) وردت في (ع): «ست ليال».
(٦) وردت هذه العبارة في (ع): «نصفها في رمضان ونصفها في شوال».