ندرته ـ إلى القاهرة وبغداد وغيرهما ، يصل ذلك واضحا حينا وغامضا في أحيان كثيرة.
وبقي اليمنيون يعيشون مع عظمة ماضيهم يجترونه اجترارا يلزّهم إلى المحافظة على البقية المدخرة من كتب مخطوطة ، وهي رغم ما ضاع منها لا تزال تغنى بها المكتبات الخاصة ، وفيها العيون والكنوز تنتظر يدا تختار منها ما يصلح في الكشف عن معالم هوية الأمة التي نبغ فيها من دوّن هذا التراث ، كما تنتظر من يأخذ منها ما يبرز تاريخ شعب عاش في هذا القطر ، ويوضح مسار شأنه في الحضارة العربية الإسلامية عبر العصور المتطاولة.
فماذا كان موقف الجيل اليمني المتأخر الذي وقف أمام هذه التركة الغنية وقفة المعتز بها ، المحافظ عليها ، يرى فيها هويته وتاريخه؟.
إننا نعني بهذا الجيل نفرا من العلماء والمثقفين الذين عاشوا في العقد الرابع والخامس والسادس ـ من هذا القرن ـ ولا زال بعضهم يعيش حتى يومنا هذا.
ماذا كان موقفهم وماذا فعلوا؟
إن استعراضا بسيطا لجوانب نشاطاتهم في هذه الحقبة من تاريخ اليمن الحديث يكشف لنا دون عناء عن نفر من هذا الجيل شغلهم الانهماك في الوظائف (حكام ، عمال ، كتّاب دواوين ، إلخ ..) فلم يكن يعنيهم من هذه الثروة الحضارية إلا جانب يسير جدا هو ما يجدون فيه متعة ذاتية خفيفة من قراءات في الأدب والتاريخ والفقه لا تكلفهم عناء الباحثين.
ونفر سلكوا سبيلا آخر من سبل النشاط ، ذلك هو تصديهم للعمل الوطني متأثرين بما قرؤوه أو سمعوه ـ على قلته ـ عن حركات إصلاحية كانت تقوم في العالم العربي والإسلامي ، فأعطوا بسخاء من أرواحهم وإنتاجهم (الأدبي) ما يعتز