القرن الرابع للهجرة ، ولم تكن سنة ٤٠٦ ه إلا وهو رجل ينقل الحديث كما يشير هو إلى ذلك (صفحة ٤٥٨) فقد كانت هذه الحقبة من الزمن مليئة بالفتن القبلية منها والسياسية ، المحلية والخارجية ، فقد كان يحكم اليمن أكثر من دويلة في وقت واحد ، يعدو بعضها على بعض فتقوم الفتن التي أشار إلى بعضها المؤلف عرضا ، فقبيل نهاية القرن الرابع انتهت دولة بني يعفر (٢٢٥ ـ ٣٩٣ ه ٨٤٠ ـ ١٠٠٣ م) (١) بعد صراع طال أمده بينها وبين الدويلات الأخرى ، وفي نهاية القرن الرابع ومطلع القرن الخامس لم تهدأ الفتن في اليمن بل اشتد أوارها بين بني الضحاك وآل أبي الفتوح والرسيين العيانيين والهادويين من الأئمة ، ونرى (صنعاء) في نهاية القرن «لها في كل شهر حاكم وفي كل يوم أمير» ، بل لقد «حصل الاختلاف في اليمن وكثرت الفتن والمحن إلى آخر سنة سبعة وتسعين وثلاث مئة ...» (٢).
وعندما دخل صنعاء أحمد بن قيس بن الضحاك سنة ٤٠٥ ه وأقام فيها إلى العام الثاني ثم «خرج عنها وتعطلت الإمارة إلى سنة ٤٥٨ ه لكثرة الاختلاف
__________________
(١) يؤرخ زمباور هذه الدولة بين (٢٤٧ ـ ٣٨٧ ه) وكذا فعل د. أحمد السعيد سليمان في (تاريخ الدول الإسلامية) ص ١٩٨ ، والواقع أن السنوات الباقية من ٣٨٧ ـ ٣٩٣ ه التي وليها أسعد بن عبد الله بن قحطان هي فترة انحلال نهائي انطوت بعدها الدولة تحت طاعة الإمام المنصور القاسم بن علي العياني (٣٨٩ ـ ٣٩٣ ه).
ولعل ذلك هو السبب الذي جعلهما يؤرخان بهذا التاريخ ، كما أن الفترة من ٢٢٥ ـ ٢٤٧ ه لم تكن الدولة فيها قد استقلت ولم يتم ذلك بالفعل إلا سنة ٢٤٧ ه على يد يعفر بن عبد الرحيم الذي استمر حتى ٢٥٩ ه ، وهو المؤسس الحقيقي لهذه الدولة التي كانت تسيطر على صنعاء والشمال ويصل نفوذها أحيانا إلى حضرموت وتنكمش أحيانا أخرى حتى يخرج حكامها من صنعاء.
(٢) غاية الأماني ليحيى بن الحسين ٢٣٤ ـ ٢٣٥.