بين أمرائها ، وعدم اجتماعهم على واحد منهم ، وثبوت كل منهم على ما تحت يده من البلاد ..» (١).
«وفي أيام أحمد بن قيس بن الضحاك تلاشى بنيان صنعاء حتى لم يبق منها سوى ألف وأربعين دارا ، ومن المساجد العامرة مئة وستة مساجد ، واثنا عشر حماما ..» (٢) ولقد كان ذلك النقص والخراب في العمران والمرافق العامة «بسبب تتابع الفتن واختلاف الأيدي عليها في كل زمن. ولقد كانت صنعاء وأعمالها كالخرقة الحمراء بين الأيدي ، وضعف أهلها ، وانتقلوا إلى كل ناحية ، ولم تزل كذلك إلى أيام علي بن محمد الصليحي (٣) ، ثم عمرت بعض العمارة ، ونقضت فيما بعد ..» (٤).
ذلك هو العصر الذي عاش فيه مؤلفنا الرازي الصنعاني يجمل صورته القاتمة في تاريخه فيقول : «وهي اليوم خراب ..» (ص ٧٧) فقد تركت الأوضاع العامة لذلك العصر والخلافات الدامية أثرها في نفسه التقية وفي كتابته المتزنة حيث نراه يبتعد عن الخوض في الحديث عن الاضطراب في سياسة الحكام ، ولا يؤرخ لأحد من معاصريه أو من سبقهم من رجال الحكم والسياسة ، إلا ما قد يأتي عرضا ، أو ما يعرض له من الحوادث العابرة التي سنشير إليها في حديثنا عن الكتاب.
وعندما يستقر الأمر للصليحيين (٤٣٩ ـ ٥٣٢ ه ١٠٤٥ ـ ١١٣٨ م) يوطد الأمن وتستقر الأحوال ، فتعمر بعض المساجد وتصلح أخرى وتقام المرافق في صنعاء ، كان ذلك في نهاية فترة حياة الرازي.
__________________
(١) المصدر السابق ٢٤٠.
(٢) انظر الخبر في صفحة ١٦٣ ـ ١٦٤ من الكتاب وقد نقله صاحب غاية الأماني بنصه في كتابه.
(٣) حكم خلال ٤٣٩ ـ ٤٥٨ ه.
(٤) غاية الأماني.