غروب ، فحبسه حتى صلى بعد العشاء فرآه مد يده إلى القبلة بعد ما قضى الصلاة ، فإذا هو قد حبذ عنقادا من دوالي الأعناب يقع في أول الصيف فمر عليه ثلاث ليال وذلك العنقاد كلما جاءه فصلى عند ذلك العنقاد في القبلة ، فلمّا كانت الليلة الرابعة لم يمر عنده فأغضب ذلك شريقا ولحقه فقال له : مالك لم تمر عليّ؟ فاعتذر إليه فأعطاه عنقادا من كّمه وقال له : لا تعلم به أحدا فإن أعلمت به أحدا أسخطتني.
وكان المغيرة بن حكيم الصنعاني (١) إذا أراد أن يقوم ليتهجد من الليل (٢) لبس من أحسن ثيابه ثم تناول من طيب أهله وكان من المتهجدين.
أبو محمد عن ابن إسحاق عن ميمون ، عبد الله عن أبيه قال : سافر المغيرة إلى مكة أكثر من خمسين سفرا صائما محرما (حافيا لا يترك صلاة السحر في السفر ، إذا كان السحر نزل فصلى) (٣) ومضى أصحابه ، فإذا صلى الصبح لحق متى ما لحق.
قال : وحدثني / أبي أن المغيرة كان يذهب من مكة إلى مسجد [منى](٤) فيصلي فيه فقيل له : أما تستوحش؟ فقال : إن البلاء إذا لم يرده الله تعالى لم يأت به الليل ، وإذا أراده الله تعالى لم يدفعه النهار.
وقال : دخلت على المغيرة أعوده بمكة وعنده أمير مكة إبراهيم بن هشام أو محمد بن هشام ، فقال له أمير مكة : أفطر يا أبا فلان ـ يعني المغيرة بن حكيم الصنعاني ـ وكان صائما ، فقال : ويحكم كيف أفطر ، وإنما أنا أسير ما أدري ما يفعل بي.
__________________
(١) انظر تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٥٨ ، طبقات ابن سعد ٥ / ٥٤٤
(٢) «من الليل» ليست في حد.
(٣) ما بين القوسين ساقط في مب.
(٤) من : حد ، صف.