يفعل ذلك ، وانصرفت من عنده فالتقيت ببعض من كان يختص به ، فذكرت له القصة وقلت : هذا حديث موضوع على أبي يعلى الموصلي ، وكنت قد سمعته من غير أبي العلاء بنزول ، وقلت : ما أظن القاضي إلّا قد وقع إليه نازلا من الطريق الموضوع ، فركبه وألزقه في روايته فحدث به عن عبد الله بن محمّد بن عثمان المعروف بابن السقاء ، فلما كان بعد أسبوع اجتمعت معه فقال لي : قد طلبت أصل كتابي بالحديث وتعبت في طلبه فلم أجده وهو مختلط بين كتبي ، فسألته أن يعيد طلبه إياه. فقال : أنا أفعل ، ومكثت مدة أقتضيه به وهو يحتج بأنه ليس يجده ، ثم قال لي : أيش قدر هذا الحديث؟ وكم عندي مثله يروى عني؟ فما سمّعني غيره. وسئل أبو العلاء بعد إنكاره عليه أن يحدّث به فامتنع ولم يروه أحد بعدي. والله أعلم.
حدّثني القاضي أبو العلاء بعد هذه القصة التي شرحتها بمدة طويلة من أصل كتابه وهو آخذ بيدي قال : حدّثني أبو الطّيّب أحمد بن علي بن محمّد الجعفري وهو آخذ بيدي ـ قال : حدّثني أبو الحسين أحمد بن الحسين الفقيه الشّافعيّ الصّوفيّ وهو آخذ بيدي ـ حدّثنا أبو بكر محمّد بن عاصم المعروف بابن المقرئ بأصبهان ـ وهو آخذ بيدي ـ حدّثنا أبو يعلى الموصلي ـ وهو آخذ بيدي ـ حدّثنا أبو الربيع الزهراني ـ وهو آخذ بيدي ـ قال : حدّثني مالك ـ وهو آخذ بيدي ـ قال : حدّثني نافع ـ وهو آخذ بيدي ـ قال : حدّثني ابن عبّاس ـ وهو آخذ بيدي ـ قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وهو آخذ بيدي ـ : «من أخذ بيد مكروب أخذ الله بيده (١)».
فلما حدّثني أبو العلاء بهذا الحديث قال لي : كنت سمعت من أبي محمّد بن السقاء حديث أبي يعلى الموصلي عن أبي الربيع الزهراني كله ، ثم كتبت هذا الحديث عن الجعفري فظننته في جملة ما سمعته من ابن السقاء عن أبي يعلى فرويته عنه فأعلمت أبا العلاء أنه حديث موضوع لا أصل له. فقال : لا يروى عني غير حديث الجعفري هذا.
ورأيت في كتاب أبي العلاء عن بعض الشيوخ المعروفين حديثا استنكرته ، وكان متنه طويلا موضوعا مركبا على إسناد واضح صحيح عن رجال ثقات أئمة في الحديث ، فذاكرت به أبا عبد الله الصّوريّ فقال لي : رأيت هذا الحديث في كتاب أبي العلاء واستنكرته فعرضته على حمزة بن محمّد بن طاهر فقال لي : اطلب من
__________________
(١) انظر التخريج السابق.