ونبهنا ذلك الشاب على الصواب ، وهو كذا ، وعرف ذلك الشاب ، أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال.
أخبرني على بن المحسن القاضي حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المعدّل قال سمعت أبا جعفر محمّد بن محمّد بن أحمد بن عبد الله المقرئ يقول : قال لي أحمد ابن محمّد بن يوسف الأصبهاني ـ وهو ابن أختي : رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم في النوم فقلت : يا رسول الله! عمن آخذ علم القرآن؟ فقال : «عن أبي بكر بن الأنباريّ» قلت : فالفقه؟ قال : «عن أبي إسحاق المروزيّ».
أنبأنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي بن يعقوب الواسطيّ قال قال محمّد بن جعفر التميميّ النّحويّ : فأما أبو بكر محمّد بن القاسم [بن] (١) الأنباريّ فما رأينا أحفظ منه ولا أغزر بحرا من علمه ، وحدّثني عنه أبو الحسن العروضي. قال : اجتمعت أنا وهو عند الراضي على الطعام ـ وكان قد عرف الطباخ ما يأكل أبو بكر فكان يسوى له قلية يابسة. قال : فأكلنا نحن من ألوان الطعام وأطيابه وهو يعالج تلك القلية ، ثم فرغنا وأتينا بحلواء فلم يأكل منها وقام وقمنا إلى الخيش فنام بين الخيشين ، ونمنا نحن في خيش ينافس فيه ، ولم يشرب ماء إلى العصر ، فلما كان مع العصر قال لغلام : الوظيفة. فجاءه بماء من الحب ، وترك الماء المزمل بالثلج ، فغاظني أمره فصحت بصيحة ، فأمر أمير المؤمنين بإحضاري. وقال : ما قصتك؟ فأخبرته ، وقلت : هذا يا أمير المؤمنين يحتاج إلى أن يحال بينه وبين تدبير نفسه ، لأنه يقتلها ، ولا يحسن عشرتها. قال : فضحك وقال له : في هذا لذة ، وقد جرت به العادة ، وصار إلفا فلن يضره. ثم قلت : يا أبا بكر! لم تفعل هذا بنفسك؟ قال أبقى على حفظي. قلت له : قد أكثر الناس في حفظك! فكم تحفظ؟ قال : أحفظ ثلاثة عشر صندوقا.
قال محمّد بن جعفر : وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله ولا بعده ، وكان أحفظ الناس للغة ، ونحو ، وشعر ، وتفسير قرآن.
فحدثت أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير من تفاسير القرآن بأسانيدها.
وقال لنا أبو العبّاس بن يونس : كان آية من آيات الله في الحفظ.
وقال لنا أبو الحسن العروضي : كان يتردد ابن الأنباريّ إلى أولاد الراضي ، فكان
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.