أمة محمد صلىاللهعليهوسلم. كأنه قال : ومن بنيات الطرق في هذه السبيل ، ومن شعبها. وقيل : أل في السبيل للجنس ، وانقسمت إلى مصدر وهو طريق الحق ، وإلى جائر وهو طريق الباطل ، والجائر العادل عن الاستقامة والهداية كما قال :
يجور بها الملاح طورا ويهتدي
وكما قال الآخر :
ومن الطريقة جائر وهدى |
|
قصد السبيل ومنه ذو دخل |
قسم الطريقة : إلى جائر ، وإلى هدى ، وإلى ذي دخل وهو الفساد. وقال الزمخشري : ومعنى قوله : وعلى الله قصد السبيل إنّ هداية الطريق الموصل إلى الحق واجبة عليه لقوله : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) (١) (فإن قلت) : لم غير أسلوب الكلام في قوله : ومنها جائر؟ (قلت) : ليعلم بما يجوز إضافته إليه من السبيلين وما لا يجوز ، ولو كان كما تزعم المجبرة لقيل : وعلى الله قصد السبيل ، وعليه جائرها ، أو وعليه الجائر. وقرأ عبد الله : ومنكم جائر يعني ومنكم جائر عن القصد بسواء اختياره ، والله بريء منه. ولو شاء لهداكم أجمعين قسرا والجاء انتهى. وهو تفسير على طريقة الاعتزال. وقيل : الضمير في ومنها يعود على الخلائق أي : ومن الخلائق جائر عن الحق. ويؤيده قراءة عيسى : ومنكم جائر ، وكذا هي في مصحف عبد الله ، وقراءة علي : فمنكم جائر بالفاء. قال ابن عباس : هم أهل الملل المختلفة. وقيل : اليهود والنصارى والمجوس. ولهداكم : لخلق فيكم الهداية ، فلم يضل أحد منكم ، وهي مشيئة الاختيار. وقال الزجاج : لفرض عليكم آية تضطركم إلى الاهتداء والإيمان. قال ابن عطية : وهذا قول سوء لأهل البدع الذين يرون أن الله لا يخلق أفعال العباد ، لم يحصله الزجاج ، ووقع فيه رحمة الله من غير قصد انتهى. ولم يعرف ابن عطية أنّ الزجاج معتزلي ، فلذلك تأول أنه لم يحصله ، وأنه وقع فيه من غير قصد. وقال أبو علي : لو شاء لهداكم إلى الثواب ، أو إلى الجنة بغير استحقاق. وقال ابن زيد : لو شاء لمحض قصد السبيل دون الجائر. ومفعول شاء محذوف لدلالة لهداكم أي : ولو شاء هدايتكم.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ
__________________
(١) سورة الليل : ٩٢ / ١٢.