لله في العبادة ، ولا آلهة نزهوا الله تعالى عن أن يكونوا شركاء له. واحتمل أن يكون عائدا على الإخبار الثاني وهو العبادة ، لما لم يكونوا راضين بالعبادة جعلوا عبادتهم كلا عبادة ، أو لما لم يدعوهم إلى العبادة. ألا ترى أنّ الأصنام والأوثان لا شعور لها بالعبادة ، فضلا عن أن يدعو وإن من عبد من صالحي المؤمنين والملائكة ، لم يدع إلى عبادته. وإن كان الشركاء الشياطين جاز أن يكونوا كاذبين في إخبارهم بكذب من عبدهم ، كما كذب إبليس في قوله : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) (١) والضمير في فألقوا إلى الله عائد على الذين أشركوا ، قاله الأكثرون. والسلم : الاستسلام والانقياد لحكم الله بعد الإباء والاستكبار في الدنيا ، فلم يكن لهم إذ ذاك حيلة ولا دفع. وروى يعقوب عن أبي عمرو : السلم بإسكان اللام. وقرأ مجاهد : بضم السين واللام. وقيل : الضمير عائد على الذين أشركوا ، وشركائهم كلهم. قال الكلبي : استسلموا منقادين لحكمه ، والضمير في وضلوا عائد على الذين أشركوا خاصة أي : وبطل عنهم ما كانوا يفترون من أنّ لله شركاء وأنهم ينصرونهم ويشفعون لهم حين كذبوهم وتبرأوا منهم ، والظاهر أنّ الذين مبتدأ وزدناهم الخبر. وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون قوله : الذين ، بدلا من الضمير في يفترون. وزدناهم فعل مستأنف إخباره. وصدوا عن سبيل الله أي : غيرهم زدناهم عذابا بسبب الصد فوق العذاب ، أي : الذي ترتب لهم على الكفر ضاعفوا كفرهم ، فضاعف الله عقابهم. وهذا المزيد عن ابن مسعود عقارب كأمثال النخل الطوال ، وعنه : حيات كأمثال الفيلة ، وعقارب كأمثال البغال. وعن ابن عباس : أنها من صفر مذاب تسيل من تحت العرش يعذبون بها ، وعن الزجاج : يخرجون من حر النار إلى الزمهرير ، فيبادرون من شدة برده إلى النار ، وعلل تلك الزيادة بكونهم مفسدين غيرهم ، وحاملين على الكفر. وفي كل أمة فيها منها حذف في السابق من أنفسهم وأثبته هنا وحذف هناك في وأثبته هنا ، والمعنى في كليهما : أنه يبعث الله أنبياء الأمم فيهم منهم ، والخطاب في ذلك للرسول صلىاللهعليهوسلم ، والإشارة بهؤلاء إلى أمته. وقال ابن عطية : ويجوز أن يبعث الله شهداء من الصالحين مع الرسل. وقد قال بعض الصحابة : إذا رأيت أحدا على معصية فانهه ، فإن أطاعك وإلا كنت عليه شهيدا يوم القيامة انتهى. وكان الشهيد من أنفسهم ، لأنه كان كذلك حين أرسل إليهم في الدنيا من أنفسهم. وقال الأصم أبو بكر المراد الشهيد هو أنه تعالى ينطق عشرة من أجزاء الإنسان حتى تشهد عليه ، لأنه قال
__________________
(١) سورة ابراهيم : ١٤ / ٢٢.