مريض أو لسبب منعه ، فكل واحد ركض وطلب العرضة من الذين غنموا فأعطوهم إما جملا إما غنما إما قطعة سلاح أو ملبوس. فهذه عادة عند العرب ، فالذي لم يستطع الذهاب لسبب ظاهر يعرض للذين كسبوا أعني يعارضهم بالدرب قبل وصولهم للبيوت ويقول لهم : العرضة يا خيرين ، فعليهم أن يعطوه شيئا مما غنموه ، وهذه هي العادة المصطلح عليها في كامل البرية (١). ثم حضر الدريعي ومن معه من العقداء ، أعني الرؤوساء ، فسلمنا ١ / ٣٩ عليهم فحكوا لنا ما جرى لهم مع قبيلة مهنا وعشائره. وهو أنه بعد توجههم بيومين / من طرفنا وصل إلى نزل مهنا ، ورمى عرب مهنا الصوت (٢) على بعضهم وابتدأت الحرب بكل حرارة. وكان مع مهنا عساكر من العرب بمقدار الذي مع الدريعي بل أكثر ، فاشتعلت الحرب بينهم من الصباح إلى المساء. فانتصر الدريعي وكسب طرشا وجمالا وخيلا ، حتى أن ابن الدريعي سحن كسب من الجملة فرس ابن مهنا فارس. وأما ناصر فإنه لم يكن موجودا بالوقعة بل كان في حماة ، ثم انكسر مهنا وهجّ بعربانه ومن معه من غير عشائر بكامل البيوت ، وقطعوا غربي عاصي حماة. وكثير من عرب مهنا دخلوا حماة وحكوا لناصر [ما حدث]. ووقع خوف الدريعي في قلوب أهل حماة والحكام ، وضج الخبر في كامل البلاد. ونزل مهنا بنفسه إلى حماة وحكى للحكام صورة الواقعة واستنجدهم طالبا منهم العساكر حتى يضرب الدريعي. وقتل من عرب الدريعي اثنان وعشرون فردا (٣) ، أما من عرب مهنا فإنه قتل أكثر.
وأما المذكور ، فبعد حضوره رحل وتقدم إلى قرب مدينة حمص بكامل عربانه. فبعد خمسة أيام إذ رعيان عرب الدريعي يركضون ويقولون : أتتنا الروم (٤) ، وناصر المهنا معهم وعربه وأخذوا الطريق. فصارت الضجة بين عربنا وصاحوا : الخيل يا أرباب الخيل. وفي لحظة ركبت الخيل وطلبت [الحرب] في كتف ناصر وعربه والعساكر العثمانية. وفي قليل من الوقت لحقوهم وانتشرت الحرب بينهم حتى عقد الغبار إلى الجو وصارت موقعة أكبر من الموقعة الأولى. فدخل الليل وأظلم وما عاد يعرف العدو (٥) من الصاحب. فاقتضى الإنفصال ،
__________________
(١) «الشول».
(٢) «السوط».
(٣) «واحد».
(٤) الأتراك.
(٥) «الضشمان».