١ / ٤٠ فينا حتى بالوقت نفسه. فنقل هذا الأمر عنا وعنهم حتى صار سيرة بين العربان ، / لأنه من الصدف التي يحكى بها.
ثم أن ناصرا غزا ذات يوم قبيلة تابعة للدريعي يقال لها بني خالد. وكان معه نحو خمس مئة خيال من العرب ومئتي خيال من الدالاتية أتى بهم من حماة ، فضرب بني خالد وكسب منهم ، ومن جملة ذلك ثلاث نساء سلمهن إلى العسكر وبنتا أعطاها إلى آغا الدالاتية ، ورجعوا فدخلوا قرية بقرب حماة اسمها زين العابدين. فالآغا دخل البيت وحده وأخذ الفتاة وتصرف بها ونام معها بالغرفة (١) ، فحين هدي الليل قامت البنت وأخذت خنجر الآغا وشكته في قلبه فمات. وبالحال فتحت الباب وهربت من غير أن يراها أحد ، ورجعت عند أهلها وأخبرتهم بالذي جرى. فسارت أخبار ناصر الشنيعة بين العربان وضجوا منها ، وامتلأت قلوبهم من العداوة له ، لأن العرب من طبعهم [تكريم] الحريم والناموس ، فاغتاظوا جدا من ناصر لأنه سلّم الحريم إلى العسكر ، وقرّ رأيهم إما أن يموتوا جميعهم ، وإما أن يقتلوا ناصرا ويشربوا دمه.
فذلك اليوم حضر أشخاص من قرى حمص وأخبروا أن ناصرا توجه إلى ضيعة يقال لها النبك ، في طريق دمشق ، وهو يريد الذهاب إلى صدد ، لأجل أن يأخذ من أهالي صدد الخوة التي رتبها عليها سنويا ، وأن ليس معه إلا نحو مئة خيال من العرب. فحين بلغ ذلك الخبر سحنا أخذ حالا نحو مئة خيال وتوجه بهم إلى الدرب الذي سيمر به ناصر في طريقه إلى صدد ، وكمن بهم في كمين وراء جبل بالقرب من مهين وحوارين ، الضيعتين اللتين كنا ذكرناهما سابقا بين صدد والقريتين. وبعد أن كمن يوما واحدا فقط وإذا بناصر وخيالته مقبلون ، فنفذ عليهم مثل الأسد الخاطف ووقعت الحرب بينهم ، فانكسرت خيل ناصر ، فنزل ناصر بنفسه للميدان ونزل سحن أمامه واشتدّ الحرب والقتال بينهما فقط نحو ساعتين ، وهما بين أخذ ورد ، وأخيرا تمكن سحن من ناصر وضربه بالرمح فمرق من الخاصر إلى الخاصر ، فوقع ناصر من على ظهر جواده وهربت خيله ، فالذي تمكن من الهرب خلص ، والذي لحقوا به على فرسه وسلّم فاز بدمه لأن هذه العادة عندهم الذي ينزل عن فرسه ٢ / ٤٠ ويسلمها / لمن لحق به لا يقتل. وأما سحن فإنه نزل حالا من على فرسه وأمسك ناصرا وقطعه
__________________
(١) «بالأوضة».