الوهابي. وأمر العربان أن تجمع بعضها بعضا وأرسل طروشا (أعني سعاة) إلى قبائل حوران وبلاد الجليل يخبرهم ويطلب منهم اسعافا ، وكذلك إلى غير قبائل. وحمّل الرسل (١) كلاما ، وهو أن يقولوا من طرفه إلى القبائل أن مراده أن يضرب غزو الوهابي ويشهر العداوة معه ، فمن تبعه فليظهر حاله ، والذي يريد أن يكون من أتباع الوهابي فليرحل إلى ديرة الوهابي.
فبعد يومين ، جميع القبائل التي كانت بالقرب منا طاعت الدريعي على ذلك الرأي وحضرت إلى عندنا ، وبعد ذلك حضر الطروش (٢) ، وأخبروا أن جميع القبائل طاوعت على ذلك واعتمدته ، سوى قبيلتين وهم بني صخر والحسنة ، قبيلة مهنا ، فما أطاعوا ولا لهم إرادة أن يعادوا (٣) الوهابي. فتركهم الدريعي وقتئذ ، وركب حالا ولحق غزو الوهابي. وكان معه نحو خمسة ألاف خيال وألفي مردوف بواردية ، كل اثنين على جمل ، وطلب غزو ابن سعود. فغاب عنا عشرة أيام وانقطعت أخباره عنا ، وصرنا في وجل عظيم وخوف جسيم ، حتى ظننا أنه قتل هو وكامل عسكره ، وحزنا في قلوبنا حزنا شديدا ، وصرنا خائفين جدا على أرواحنا ، لأن إذا حصل ذلك فالعربان تقتلنا ، حيث نحن سبب ذلك الأمر.
ثم يوم الحادي عشر قبل نصف النهار إذ ورد علينا خيال جاء كالغائر ، يحمل راية (٤) وهي زنار أبيض رابطه من الطرفين وعامله مثل بنديرة (٥) بالرمح ، وهو يركض ويقول : هذه راية الدريعي ، نصرنا الله على الضشمان ، ابشروا يا عربنا. فحالا ركضنا وسلمنا عليه ، وهو بشرنا أن الدريعي انتصر وسيكون هذه الليلة عندنا. فألبسناه حالا مشلحا جديدا وكوفية وجزمة [وأعطيناه] مئة غرش بخشيشا. وكذلك نساء أكابر العربان أهدينه (٦) نظير بشارته. وقامت الأفراح والألعاب والغناء (٧) والكيفيات (٨) ، وذبحت ٢ / ٤٧ الذبائح وعدت المآكل (٩) ، وكان نهار من العمار (١٠) ، مبهج / وعظيم. وقبل غياب الشمس
__________________
(١) «المراسيل».
(٢) أي السعاة ، كما جاء في الشرح أعلاه.
(٣) «أن يضشمنوا».
(٤) «جاية غارا وساحب رايه».
(٥) أي مثل العلم.
(٦) «هادوه».
(٧) «والغنة».
(٨) «المسرات».
(٩) «الأماكيل».
(١٠) الأعمار ، أي يوم يذكره الإنسان طول عمره.