أتباع الوهابي (١) ويعطونه الزكاة ، أي عشر المال. فعاد منهم بخيرات جزيلة وقتل كثيرين من رجالهم. فشاع هذا الخبر بين القبائل ووقعت سطوة الدريعي في قلوب الناس ، وطاعته جميع العشائر ، إلا قبيلة مهنا ، فإنه لم يرد أن يتعرض (٢) لها ، لأنها أكلت جزاها ، وتضعضعت أحوالها ، وقتل ناصر ، ولم يبق لها اسم مثل السابق ، وخمدت سطوتها.
فبعد كل هذه الأمور كان مضى فصل الصيف ودخل الخريف وابتدأت العربان رويدا رويدا تنسحب إلى الشرق. ونحن أيضا لم نزل نرحل وننزل إلى أن صرنا أمام حماة. فقال الدريعي : أكتب يا ولدي مكتوبا إلى متسلم حماة وعرفه ، لكي يرسل إلينا بقليل من الحنطة.
فكتبت مكتوبا ظريفا وأرسلناه مع طارش خاص ، فوصل إلى المتسلم وقرأه وحالا أمر بأربعين جملا [محملة] حنطة وعشرة مشالح وفروة إلى الدريعي. فوصلنا جميع ذلك وفهمنا جيدا أن المتسلم لم يرسل هذه الهدية إلا خوفا من الدريعي ، وما هي كرم منه ، حيث نعرفه من السابق أنه رجل بخيل ورديء الأفعال.
ولم نزل ننسحب حتى صرنا بقرب حلب. فقال لي الشيخ إبراهيم : يا ولدي نحن راجعون إلى البادية (٣) ، ولم يبق عندنا ثياب نلبسها ، ولم يبق عندنا رزق حتى يكون لنا حجة ، ويلزمنا من حلب أشياء كثيرة ، فكيف ندبر ذلك. قلت : أعطني مكتوبا إلى محبك الذي ستأخذ منه الدراهم وأنا أقوم بتدبير الباقي. فكتب لي حالا مكتوبا فأخذته منه واتفقت مع الدريعي أن يرحل إلى الزور ، وأنا آتي عنده من حلب. وأخذت معي اثنين من العرب بالأجرة ونزلت إلى ضيعة يقال لها الجبول ، وهو المكان الذي يستخرج منه ملح حلب. ووجدت ساعيا ، وكتبت مكتوبا من طرفي إلى الشخص الذي سيعطينا الدراهم ، وأرسلته ١ / ٤٩ مع مكتوب الشيخ إبراهيم ، فحضر / المرسال (٤) وجاءني بالدراهم ، وكان قصدي من ذلك ألّا أواجه أحدا من أهالي حلب ولا أدع أحدا يعرفني. فنزلت إلى البلد وأنا بلباس (٥) العرب ، وبلحية ، وأتكلم مثلهم ، ولا يستطيع أحد أن يعرفني. فأخذت غرفة في خان من الخانات التي بأطراف البلدة ، وابتدأت أشتري لوازمي وأرى كثيرين من الأصحاب والمحبين وهم
__________________
(١) «بني صخر محسوبة على كيس الوهابي».
(٢) «ما راد يقارشها».
(٣) «الشول».
(٤) المرسل أو الرسول.
(٥) «كسم».