٢ / ٥١ عاشرا / : قد قبلنا بهذه الشروط من كل قلوبنا ، وعلى هذا عهد الله وأمان الله ورأي الله ورأي محمد وعلي ، والخائن يخونه الله. وقد عزمنا على أنفسنا أن نموت ونحيى على هذه الأمانة ، ما دام فلك وسبح ملك والسلام تحريرا في اليوم الثاني عشر من شهر تشرين الثاني سنة ألف وثماني مئة وأحدى عشرة مسيحية غربية.
فقرأنا لهم هذا الرباط فسرّوا به جدا ، ووضعوا ختومهم حالا الدريعي وفارس الجربا.
ورحلنا ثاني يوم ، وتوجه فارس عند عربه حيث كانوا بعيدين عنا نحو خمسة أيام ، ونزلنا في أرض عظيمة واسعة جدا يقال لها الرامة. فتحسن عند الدريعي أن يجمع القبائل القريبة منه كي يدعوهم إلى وضع ختومهم بالشروط. فأول من حضر الشيخ عوض ابن جندل شيخ قبيلة عرب السّوالمة. فهذه القبيلة تحتوي على ألف وخمس مئة بيت : رجال مجربون بالحرب والقتال ، لهم صيت عظيم بين العربان ، مهابون جدا. وشيخهم رجل كامل معدود الخاطر. فقرأنا له ورقة الشروط والرباط ، فأعجبته وأعطى كلاما ثابتا ووضع ختمه بها حالا.
وحضر معه إطعيسان ابن سراج ، شيخ قبيلة عرب العلما (١) ، قبيلة تحتوي على ألف وأربع مئة بيت. وهو شاب ابن أربعين سنة ، وكان حكم العربان منذ كان ابن خمس عشرة سنة ، إذ توفي والده واستلم هو القبيلة بكل تدبير وسياسة أحسن من زمن والده. وهو فهيم جدا ، وعربه اسمهم العلما ، والصحيح أن هذا الاسم لائق بهم لأنهم فهيمين جدا بالنظر إلى غير قبائل ، عارفين بأمور الدنيا أكثر من غيرهم ، فصحاء اللسان ، شعراء (٢).
والسبب بهذه التسمية ، على ما قيل لنا ، أنه كان لهم جد يقال له عليوي ، وكان من عرب ديرة بغداد ، فحضر عنده إنسان بدوي وقال له : يا شيخ عليوي ، حرمتي (٣) فقدت من جنبي بالفراش (٤) ، ولي ثلاثة أولاد صغار يبكون. وصار لي الأن أربعة أيام أفتش عنها ولم أجد لها خبرا لا في الأرض ولا في السماء ، فجئت أشكي لك مصيبتي وأرجو منك أن تجد ١ / ٥٢ لي حرمتي ولك الأجر. / فقال له : اذهب إلى بيتك ولا تعرف امرأتك إلا مني ، فانصرف
__________________
(١) العلمة ، من عنزة (حمد الجاسر ، معجم القبائل ، ص ٥٧٤).
(٢) «شعّار».
(٣) زوجتي.
(٤) «بالفرشة».