المهارة أن تذهب عنده وتحضره معك وتدخل في عقله أن يكون معنا ، وترفع من رأسه الوسواس والأمور غير الملائمة لنا ، قلت على رأسي.
ثم ثاني [يوم] قلت للدريعي أريد منك أن ترسل معي من يوصلنا عند جندل. فتعجب من ذلك وقال لأي سبب تذهب أنت عنده؟ إن جاء من تلقاء نفسه فأهلا وسهلا به ، وأن لم يأت فهذا السيف يحضره. فقلت له : يا سيدي ، الشيء الذي يمكن عمله باللسان فقط ، لأي شيء حتى نتعب حالنا ونسفك دماء رجالنا؟ فإن رضي وحضر معي انقضت المصلحة ، وإن لم يطاوع ، أرجع حالا وندبر له عندئذ طريقة أخرى.
وبالحال ركبت وأرسل معي اثنين من الخيالة وتوجهنا. وبعد ست ساعات من المسير وصلنا عنده. فسلمنا عليه وجلسنا ، فما عرف الدعوى وظن أننا ضيوف عابرو الطريق ، حتى تكلم رفقائي وسلموا على الحاضرين ففهم أنهم من عرب الرولا (١) تابعين الدريعي. فسأل رفقائي عني فأجبته : أنا محبك والساعي في خيرك عبد الله الخطيب. فعرف عندئذ من أنا وأني جئت لاحضاره. فقال : لو لا أنك وطأت (٢) المحل لكنت جعلت قتلك شهرة ، ولكن لا يمكن الآن ذلك إذ ليست العادة (٣) عندنا ، ثم قلت له : يا أمير ، الكلام لا يلصق بالإنسان ، أريد أن أتكلم مع محبتك كلمتين سرا في ظهرة (٤) ، يعني خلوة ، فإن رأيت أن الأمر يناسبك ويرضيك (٥) كان به الخير ، وإن لم يناسبك فإننا نعرف الدرب (٦) الذي جئنا منه.
فقام حالا وأخذ معه ابنه الكبير ، وقمت أنا ورفقائي واجتمعنا خارج البيت بالسهل ، على حسب عوائدهم ، كما ذكرنا سابقا. فقلت يا جندل ، أي شيء في الدنيا ترغب فيه أكثر : العبودية أم الحرية. قال : لا شك الحرية. قلت : تحب الوفاق أكثر أم الإنشقاق (٧)؟ قال : الوفاق. قلت : تحب العز أكثر أم الذل؟ قال : العز. قلت : تحب الفقر أكثر أم
__________________
(١) كذا ، أي الرولة.
(٢) «دعست».
(٣) «الطريقة».
(٤) «ظهرا».
(٥) «وقطع عقلك».
(٦) «دبر».
(٧) «التفخض» ، وهو لا شك يريد التفخذ. أي الإنقسام إلى أفخاذ.