الغنى؟ قال : الغنى. قلت : تحب القوة (١) أم الضعف؟ قال : القوة. قلت : تحب ٢ / ٥٣ الإنكسار (٢) أم النصر؟ قال : النصر. قلت : تحب الخير / أم الشر؟ قال : الخير. قلت : ما هي الأسباب التي تجلب ذلك؟ قال؟ الحرية والاتحاد. قلت : من حيث أنك تعرف ذلك كيف تقول عنا أننا جواسيس (٣) مفسدون نريد خراب العربان. فنحن مرادنا أن نخلصكم من أسر الوهابي ومن ظلم العثماني وخيانته ، ونجعلكم أحرارا أقوياء في ذواتكم ، وورقة الشروط التي سمعت بها هي لأجل اتحادكم مع بعضكم بعضا وتقويتكم بالأكثر على أعدائكم ، والخصام (٤) مع الوهابي كي نخلصكم من رق العبودية ونجعلكم أحرارا في أنفسكم. فبما أن هذا الأمر الذي نرغب فيه فكيف تبين لك أن مرادنا خرابكم؟ قال : صحيح ولكن يا عبد الله نحن لسنا بقوة ابن سعود حتى نعاديه ، هذا سلطان وجيوشه كثيرة. قلت : اعلم أولا أنه إنسان مثلك ، وثانيا أنه ظالم والله لا يحب الظالمين ولا يصلح عمل المفسدين ، ثالثا أنه غشيم لا يحسن تدبير ما يجب (٥) ، رابعا لا تظن أن النصر يحصل بكثرة العساكر ، ولكن الله يعطي النصر لمن يشاء ، وكم من جيوش قليلة كسرت جيوشا كثيرة. فالمسألة ليست بكثرة العساكر بل بالمحبة والوئام (٦) إذا كان موجودا. فإذن أرفض كامل الوسواس من بالك ، وتأكد أن قصدنا خيركم ونشاطكم ، وقيام عزكم وجاهكم ، ورفع مجدكم وراياتكم ، وإغماد سيفكم في رقاب أعدائكم ، فلا تكن من الأغنياء بل من المدركين ، وبالله نستعين على القوم الظالمين. وقمت حالا دون أن أعطيه الوقت ليرد علي ، وصافحته وصافحت ولده ، فسرّ من ذلك ودخل في عقله وقال : جميع ما قلته يا خطيب فهو حق وصدق ، فكن طيب الخاطر فكل شيء يكون وفق إرادتك.
ثم رجعنا إلى البيت وذبحوا رأس غنم وتغدينا وقضينا ذلك النهار عندهم. وما كان عملي (٧) ذلك النهار والليل إلا وعظهم (٨) ، حتى صاروا جميعهم بيدي مثل الخاتم. وثاني
__________________
(١) «التقواي».
(٢) «الكسر».
(٣) «دواسيس».
(٤) «ضشمنة».
(٥) «غشيم تدبير الواجب ما عنده».
(٦) «الوفق».
(٧) «كاري» أي صنعتي.
(٨) «أكرز عليهم» : أعظهم وأكرر النصح.