بعض الأحيان في بعض الأمور بسبب قلة الدراهم. فاضطر الشيخ إبراهيم رغما عنه أن ينزل [إلى بغداد] ليحضر لنا المصريات. وبعد يومين عاد من بغداد ، وأحضر لنا معه المطلوب. وأثناء ذلك حضر من بغداد ، عند عرب الدريعي ، واحد قبيسي بياع ، فاشترينا كل البضاعة التي كانت معه لاحتياجنا إليها في بعض الأمور ، فما كنا نستطيع أن نقضيها إلا بوساطة البراطيل ، سواء للنساء أو للرجال.
ثم ثاني يوم رحلنا وقطعنا الدجلة من مكان يقال له المشهد ونزلنا على نهر تسميه العرب الفهان. وفي ذلك اليوم وصلتنا أخبار أن فتنة عظيمة واقعة بين العربان وأن اختلافا كبيرا قد حصل بينهم : أناس [مع] الوهابي خوفا منه ، وأناس ضده. والسبب بوقوع الفتنة هو ما كان بلغهم من أمورنا وارتباطنا (١) ضد الوهابي. فبعض القبائل حسن عندها رأينا وصارت من طرفنا قبل أن نراها ، والبعض الآخر رفض هذا الرأي. ولذا وقع الاختلاف فيما بينهم واشتد الحرب. فحين بلغنا ذلك استحسن الشيخ إبراهيم والدريعي وجميعنا أن نجدّ بالسير ونلحق بهم بكل سرعة (٢) ، كي نعمل طريقة لاطفاء هذه النيران وإخماد هذه الفتنة بين العربان ، لأن الشيخ إبراهيم قال : يجب تدبير هذا الأمر إذ ينتج عنه ضرر وتعطيل لأمورنا. فاضطررنا ثاني يوم إلى الرحيل ، ونزلنا بأرض يقال لها الدرغوان ، ماؤها ينابيع عيون (٣) في الأرض ، إذ بالقرب منها جبال تبعد عن بغداد نحو عشرين ساعة إلى ناحية [تقع] ما بين الشمال والشرق. ثم رحلنا وقطعنا جبلا عظيما ، والعربان جميعهم سقت طروشها ، وملأت [الروايا] ماء قبل انتهاء الجبال ، لأن المنزلة التي نحن قادمون عليها ما بها ماء كليا. ثم وصلنا وكان مسيرنا نحو اثنتي عشرة ساعة بأرض صحراء ما بها مرعى ولا ماء وهي على حدود ١ / ٦٣ العجم : رمل أحمر وهواء ساخن / وإذ ورد مكتوب من عند دعاس ابن علي ، شيخ الأشاجعة ، إلى الدريعي وكان بهذه اللفظات :
من دعاس إلى الدريعي بعد السلام عليكم ورحمة الله لديكم والثاني يا أخانا نعلمك أننا واقعون في ضيق عظيم ، لأن القبائل جميعها ردت النقا علينا وهي الموايجة والسّبعة والفدعان والمعايدة والمضيّان (٤) وكثير غيرها من القبائل ، وحسبنا عددها خمسة عشرة ألف بيت ،
__________________
(١) «وارباطاتنا».
(٢) «قبل النوم».
(٣) «نبوعات أعيون».
(٤) من السّلقا ، من العنزة.