ونحن واضعون ثقتنا (١) بالله وبك ، ونحن معك على الخير والشر ، فالرجاء أن تجدّ بالرحيل وتلحق بنا في أقرب وقت ممكن (٢) لأن العربان أكلتنا. وكل سبب هذه الفتنة من أجل ابن سعود. فإياك المهل والتأخير يا أهل المرؤة والحشمة (٣) ، تراني بوجهك (يعني وقيعك) (٤) يا أبا الفوارس والرجال (٥).
فحين انتهينا من قراءة المكتوب ، نبّه على الرحيل المداوم يعني من غير نزول ولا راحة ، وكانوا بعيدين عنا ستة أيام. فصار الرحيل وجدينا بالمسير ثلاثة أيام ليلا نهارا من غير راحة ولا نزول ، بل النوم على ظهور الجمال والأكل كذلك ، والنساء تعجن وتخبز على ظهور الجمال بالصاج ، يضعن الجلة والحطب في خرج تحتهن على الجمل. تأتي المرأة بصاجين من حديد ، الواحد تضع فيه النار ، والآخر فوقه تخبز عليه. وإلى جنبها امرأة أخرى راكبة على جملها ومصاففة لها ، عندها العجين ، تقطع أرغفة وتعطيها للأخرى وهي ترقها وتخبزها. وامرأة ثالثة (٦) أمامها طاحونة وهي تطحن الطحين. والجمال والغنم والخيل ترعى وهي ماشية. وكلما وصلنا إلى ماء ، وكانوا على علم أن الماء أمامهم بعيدة ، تملأ كل امرأة قربة ماء وتربطها تحت بطن الجمل أو الناقة التي راكبة عليها. وكان أكلنا من غير طبخ فقط الخبز والحليب والتمر. فحين نجوع تنزل النساء حالا ويحلبن النوق ويملأن لنا قدح حليب ، (فالقدح يكون من الخشب ويسع نحو رطل حلبي). فنجتمع (٧) أربعة أو خمسة ونحن راكبون ، فنضع لقمة ٢ / ٦٣ خبز في فمنا ونشرب قليلا من الحليب ونعطي القدح للذي جنبنا ، / وهكذا يدور من واحد إلى آخر بالدور. وكلما نعسنا نتمدد على وجهنا فوق ظهر الجمل. ونضع أرجلنا في عيون الخرج ، لأن لكل جمل أو ذلول خرجا كبيرا لأجل وضع أغراض الراكب وحاجاته (٨). وكنا نستلذ كثيرا بالنوم أولا من شدة التعب والنعاس ، ثانيا اعتدنا على ذلك ثالثا من عادة
__________________
(١) «نحن شادين ضهرنا».
(٢) «قبل بساعة».
(٣) «الحشيمة».
(٤) الوقيع بمعنى الدخيل : الذي يطلب حماية شيخ من قبيلة غير قبيلته.
(٥) «الرجاجيل».
(٦) «ثانية؟».
(٧) «فنجمتع».
(٨) «مصالح».