سير الجمل إذ يهتز ويتمايل فيظن الإنسان أنه في سرير فيطيب له النوم ، وهكذا ينام حتى يشبع.
ثم ثالث ليلة من مسيرنا ولدت امرأة الأمير فارس الجربا ووضعت (١) صبيا في هودجها ، على ظهر الجمل ، من غير أن تنزل ، وسموا الولد القرنا (٢) ، لأننا كنا بالقرب من القرنا أعني مجمع النهرين أي الدجلة والفرات ، [كما هي العادة] في أكثر أسماء العرب ، لأنهم يسمون أولادهم باسم المحل الذي ولد فيه كي يعرفوا أين ولد.
ثم لم نزل جادين بالمسير نحن والقبائل التي معنا. وكان برفقتنا ثلاث قبائل : الجربا والسوالمة وعبد الله. فوصلنا ثالث يوم بعد العصر عند دعاس ، وكان عددنا نحو سبعة آلاف بيت. فصار الفرح عند دعاس وعربه ، وامّنوا على حالهم ، وأطمأنّوا وتقوّوا. وبالحال حضر دعاس وكامل كبار قبيلته ولاقانا ، وفرح بنا فرحا عظيما ، وذبح الذبائح ، ودعى كل كبار القبائل. وبعد العشاء وضع اسمه وختمه بورقة الشروط.
وكان العدو (٣) بعيدا عنا يوما واحدا فقط على حافة شط العرب ، أمام البصرة ، من الجانب الشرقي. فكان رأي الدريعي ثاني يوم أن يرحل ويتقدم نحوهم. ولكن بما أن الناس والخيل والجمال كانت تعبانة من السير ثلاثة أيام وثلاث ليالي متوالية فتحسن عندنا الرأي أن نستريح يومين ثم نقدم على العدو. إلا أن العدو لم يصبر حتى نقدم عليه ، بل ثاني يوم العصر ، إذ أقبل نحونا عربان لا يعلم عددهم غير الله فقط. فحالا رحل الدريعي وتقدم إلى ١ / ٦٤ قرب الشط لأجل الماء. وكذلك العدو نزل على الشط أمامنا. وكان بيننا وبينهم / ميدان نحو نصف ساعة. وكان بالقرب منا قرية يقال لها الهوطا.
وثاني يوم كتب الدريعي لهم مكتوبا وكان بهذه اللفظات :
من الدريعي إلى ضويحي ابن اغبين أمير قبيلة الفدعان وإلى صقر ابن حامد شيخ المضيّان وإلى مفضيّ ابن عيده أمير السّبعة وإلى برجس ابن أهديب شيخ الموايجة وإلى عمران ابن نجرس شيخ المعايده وإلى كامل المشايخ والكبراء بالسن (٤) عموما ، والثاني
__________________
(١) «وجابت».
(٢) «الكرنا».
(٣) «الضشمان».
(٤) «الاختيارية».