الله الهدال ، كيخيا الوهابي وهو المسؤول عن خراب نظامنا. ومن جهة أخرى رأيت أن خلاصي صعب ولا بد لهم أن يقتلوني أولا بسبب كلام عبسي (١) / للعربان ضدي ، ثانيا أن مفضي ابن عيده الذي أنا عنده [في الأسر] ، محب كبير لبيت ملحم وصديق حميم للأمير مهنا الفاضل ، وعنده علم بجميع ما جرى بيننا وبينهم في سورية ، وعنده عبسي يفهمه ويوشي بنا. فما رأيت أحسن من الهزيمة فابتدأت أبحث عن طريقة [توصلني إلى نجاتي].
وقد تقدم الشرح أن العربان كانت تأتي لرؤيتي [بالقيود] ، وكل واحد منهم يهينني أنواع الإهانة. ولكن شابا بدويا أتى مرارا عديدة من غير أن يقول كلمة واحدة ، وكان فقط ينظر إلي ويذهب ، وكان أيضا يطرد الأولاد عني ، وهم كانوا يضربوني بالحجار ويقفزون فوقي ويسخرون بي. فأتى آخر مرة قبل غياب الشمس وطرد الأولاد عني وقال : هل أنت جائع لأحضر لك شيئا تأكله؟ فقلت له : أنا لا أريد أكلا وشربا وإن كنت تريد أن تفعل معي خيرا وجميلا ، وأنا لا أنسى جميلك ، فتعمل طريقة لأهرب من أيدي هؤلاء الناس. فقال : سآتيك هذه الليلة وأفكك من القيد وأوصلك عند عربك. وعند نحو نصف الليل كان سرق مفتاح قفل القيد الذي في قدمي ، وهو قيد فرس من زنجير (٢) وقفل ومفتاح يقيدون به الخيل ليلا حتى لا تسرق. فأتى نحوي بكل لباقة وفتح القفل وفكني من الزنجير (٣) ، وأخذ بيدي وخرج خارج النزل بكل هداوة وخفة (٤) ، ولم يزل حتى اجتزنا العرب ، وهو دائما معي إلى أن وصلنا إلى عربنا ، فوجدت الجميع نياما إلا الحراس ، لأن من عادة الدريعي دائما أن يضع أربعة عبيد للحراسة عند النوم. فحين رأوني عريان ليس علي ثياب تعجبوا وذهبوا وصحوا الدريعي من النوم ، فأقاق وأفاق معه الشيخ إبراهيم وكثير من الناس ، وصارت ضجة في الليل وابتدأ الشيخ إبراهيم يبكي من شدة فرحه لأني نجوت من ذلك الخطر (٥). / وحكيت لهم جميع ما جرى ، فشكر الله الشيخ إبراهيم وكامل المحبين على خلاصي ، وأعطى الشيخ إبراهيم البدوي مئة غرش بخشيشا (٦) ، وكان اسمه فاعور ، فعاد المذكور عند أهله. وأما الدريعي ، فإنه استاء منهم كثيرا (٧) واشتد قهره منهم فكتب لهم مكتوبا يطلب البدوي الثاني
__________________
(١) الصفحة ٢ / ٦٥ بياض والصفحة ١ / ٦٦ كناية عن حاشية كبيرة تأتي بعد صفحة ٢ / ٦٨.
(٢ و ٣) «جنذير».
(٤) «خفّيّة».
(٥) «القطوع».
(٦) هبة.
(٧) «أخذ على خاطره».