بعد ذلك وصلنا خبر أن الدريعي نازل في نواحي القبيسة (١) ، بعيدا عنا نحو أربعة أيام. فودعنا حالا جاسما وعائلته وكبار قبيلته وكامل المحبين وتوجهنا طالبين الرجوع عند الدريعي. ومن بعد مسير أربعة أيام ، وصلنا بالسلامة عند عربنا ، فوجدنا الشيخ إبراهيم والدريعي في وجل عظيم جدا بسبب تأخرنا. فحكينا لهم جميع ما حدث لنا ، فشكروا الله على سلامتنا ، وسروا جدا من مكتوب جاسم وكان بهذه اللفظات :
من جاسم إلى الدريعي بعد السلام وصلنا مكتوبكم الذي يحوي سلاما منكم صحبة عبد الله الخطيب ، وصار لنا علم بسلامتكم وحمدنا الله على هذا. وتكلم معنا عبد الله المذكور بكل ما يلزم ، وأفهمنا كل ما حدث ، وعلمنا منه عن مرادكم ، فرأيكم عندنا حسن جدا وقبلنا شروطكم ، ونحن وأنتم إن شاء الله بالحال الواحد ، ليس بيننا شيء محرم غير الذي حرمه الله. وأنا معكم وعلى رأيكم بجميع ما يصدر من خير وشر. على هذا قول الله ورأي الله ورأي محمد وعلي ، والخائن يخونه الله. ومتى تواجهنا معكم نضع ختمنا بالشروط ، ونكون معكم أحسن من غيرنا ، لأن صحبتنا معكم قديمة ومحبتنا إن شاء الله مستديمة.
ففرح الدريعي والشيخ إبراهيم بهذا المكتوب ، وقالا : ما ذهب العطش والتعب ١ / ٧٢ سدى ، بارك الله بهمتك. / ثم أخبرت الشيخ إبراهيم سرا بخبر بنت السلطان ، فتعجب من هذا الخبر وصار في وجل عظيم وأخبر الدريعي. فصرنا جميعنا متحيرين من هذا الخبر ، وصرنا نحسب أشكالا وأشكالا وحسابات شتى. وكلما اقتربنا من تدمر نسمع هذا الخبر من كل شخص نلقاه وهو يزداد ويكبر. فدخل الوسواس على الشيخ إبراهيم ، وقال : إنها أتت خصوصا ضدنا لتعكس أشغالنا ، ويظهر أن سرنا قد انكشف ، ولكن لا نستطيع أن نفهم شيئا إلا من تدمر.
ثم رحلنا ثاني يوم ، ولم نزل نرحل بسرعة ونقرب إلى نواحي تدمر. وفي قليل من الزمن وصلنا إلى تدمر ونزلنا بعيدا عن البلد نحو ساعة على ماء أبو الفوارس. فنزلت إلى تدمر ، وسلمت على الشيخ وكامل المحبين ، واستخبرنا عن المادة ، فأخبرني الشيخ علي أن بنت سلطان الإنكليز قد أحضرها مهنا الفاضل ، وأقامت ثمانية أيام في تدمر تدور فيها وترى [آثارها] ، وأعطت هدايا كثيرة لأن كرمها زائد ، وهي لابسة ألبسة (٢) رجال ، وتركب الخيل
__________________
(١) «القبيسي».
(٢) «كسم».