بقيادته ، وحدثت ، على ما يقول الصايغ ، بعد هذه الغارة بثلاث سنين. وعندما علق الشيخ أحمد بن حسن بن رشيد الحنبلي على هذه الغزوة كتب بقلمه : «هذا غير معقول ، ما كسرت جيوش الوهابي عند حماة ، إذا كان العرب بعضها مع بعض ، اللهم ...» (١). وهذا الكلام يشير إلى إمكانية وقوع مثل هذا الغزو ، ولكنه لم يكن بقيادة الإمام سعود.
ولدينا شاهد على وقوع هذه المعركة الكبيرة في كتيب لمؤلف فرنسي كان من عملاء نابوليون في الشرق ، يدعى أوغست دي نرسيا ، طبع سنة ١٨١٨ ، يقول فيه : «لما وقعت الحرب بين قبائل عنزة والفدعان غطت خيام الفئتين المتقاتلتين جميع المساحة بين سلمية وتدمر ... وإننا نؤكد أن عدد المتحاربين في معركة السلمية [قرب حماة] التي وقعت سنة ١٨١٢ ، زاد على أربعين ألف فارس يحملون الرماح. غير أن العدد الذي ذكرناه أقل بكثير مما ذهب إليه بعض الأناس المعروفين بصدقهم وبعد نظرهم ، وذلك لأننا نخشى أن تنسب إلينا المغالاة في الامور». ومن البديهي أن ما يقوله الكاتب الفرنسي لا يعني إن القتال كان بين الوهابيين وعرب الشام لأن الفدعان فرع من قبائل عنزة. ولكن عنوان الكتاب يدل على أن حديث المؤلف له علاقة بالغزو الوهابي ، وهو : «نبذة عن البدو وعن الملة الوهابية» (ص ١٨).
أما رحلة الصايغ إلى الدرعية ، فهي التي أثارت شكوك المستشرقين بنوع خاص ، وسار على خطاهم بعض المؤرخين العرب (٢) ، دون الرجوع إلى المصدر الأول أي مذكرات فتح الله الصايغ. وقد سبق واثبتنا ، في مقال نشرته مجلة العرب (٣) أن المسؤول عن الريبة التي تحوط بهذه الرحلة هو سوء الترجمة بل الترجمات العديدة أولا من العربية إلى الافرنجية ، لهجة هي خليط من الفرنسيه والأسبنيولية والإيطالية والعربية والتركية ، وكان يتكلم بها سابقا بعض أهل المشرق ، ومنها إلى الفرنسية ، ثم قام لامرتين بتنقيح هذه الترجمة ، وعنها أخذ المستشرق فرينل ليردّ النص إلى العربية ، ثم عرض هذا النص العربي الجديد على أرباب الخبرة من
__________________
(١) مجلة العرب ، ج ٣ ، ٤ ، س ١٩ ، ١٤٠٤ / ١٩٨٤ ، ص ١٦٢.
(٢) عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم ، المصدر نفسه ، ص ٢٧٤.
(٣) انظر الهامش رقم ٤.