عسكره الأمير عبد الله الهدال ، لأنكم انفصلتم عن المذكور وتركتوه يذهب وحده. فهذا لا بدّ له أن يشي بكم إلى ابن سعود ، ويبتدئ معكم بالمكايد والقصاص ، وخصوصا أنكم تريدون التوجه إلى نجد وجبال شمر ، وهي تحت حكمه وبقبضة يده ، فيخشى عليكم من بغيه وظلمه المشهور ، فيستعبدكم ويفعل بكم ما يشاء ، حسب عادته مع الذين هو راض عنهم ، ولكن كيف تكون حالكم أنتم الذين خرجتم الآن من رضاه (١) وعاديتم (٢) كيخياته عبد الله ، فعلى أي شكل يريد أن يقاصصكم؟ ولكن أنتم مثل الطير الذي فرّ من فخ الصياد ، ولكن بسبب عدم معرفته وتمييزه عاد ورمى نفسه بالفخ ثانية ، ووقع بالمهالك. فارفضوا هذا الرأي الفاسد من عقولكم واعلموا أن نهر الفرات في مبتدأه نبع صغير ، وأثناء جريانه تصب فيه غير أعين ، فيزداد ويكثر ولا يزال يكبر ويزداد عرضه ويقوى حتى صار بحرا طاميا يجري بكل قوة وعزم ولا يستطيع أحد أن يمنعه عن مسيره ، حتى ولا جميع ملوك الأرض. فأنتم أيضا إذا اتحدتم مع بعضكم تصيرون كنهر الفرات الطامي الغدار. وأيضا تشبيه آخر يا إخواننا ، اصبروا حتى أريكم شيئا بعيونكم. ثم نهضت من الجمع وابتدأت أجمع العصي التي بأيدي الناس ، حتى جمعت نحو ثلاثين أو أربعين عصا. فأعطيت إلى أحد الشباب كان قريبا مني واحدة وقلت له : اكسرها فكسرها ، ثم أعطيته اثنتين فكسرهما ، ثم ثلاثا فكسرها أيضا ، ثم حزمت الجميع وأعطيته وقلت له : اكسر هذه ، قال : هذا شيء لا يمكن. فقلت له : أنت مالك قوة فاعط إلى غيرك. فأعطى إلى الذي جانبه حتى دارت العصي على كل واحد. ثم قالوا : هذا شيء غير ممكن ، لا يستطيع أحد أن يكسرها. فقلت لهم : وأنتم كذلك ، إن كنتم قبيلة أو ثلاثا أو خمسا تنكسروا. ولكن إذا كنتم مجتمعين مثل هذه الحزمة ومرتبطين بحبل الشروط لا يستطيع أحد أن يسطوا عليكم أو يقهركم أو يستعبدكم ، بل أنتم تقهرون الجميع وتسودون على الدنيا كافة. وإذا شدوا قلوبكم ، وقوّا عزائمكم ، وارفضوا العبودية ، واقبلوا ٢ / ٩٥ الحرية ، والتحموا مع إخوانكم أصحاب الخير ، / (٣) بموجب هذه الشروط. وأخرجت صورة الشروط وقرأتها عليهم ، وعند نهايتها قلت : اعلموا يا إخواننا ، من بعد جميع ما قلته لكم ، إني لا أريد إلا صلاحكم ، بل إني أتعهد لكم أيضا برد جميع ما أخذه منكم الدريعي عند حماة
__________________
(١) «خاطره».
(٢) «وضشمنتوا».
(٣) ابتداء الكراس رقم ١٢.