من بيوت وسائمة (١) وغير ذلك ، فكونوا مطمئني القلب والخاطر واصرخوا : نحن قابلون ، إننا مع المتحدين على الخير والشر حتى الموت. فقامت ضجة عظيمة وصيحة هائلة من فم واحد : نحن مع المتحدين وقابلون بهذه الشروط على الخير والشر حتى الموت.
فللوقت صافحنا بعضنا بعضا جميعنا ، وحصل الفرح والسرور لكامل الناس ، وصرت عندهم بأعلى منزلة. ولكن النهار كان متعبا جدا لي إلى درجة لا توصف. ثم اعتمد رأينا وتواعدنا على أن يرحلوا وينزلوا إلى الحلة ، وأنا أعود حالا عند الدريعي وآتي به إلى الحلة أيضا لأنها مقطع جيد ، كي يستلموا بيوتهم وجمالهم ، ويتصالحوا مع الدريعي ، ويضعوا ختومهم بورقة الشروط. فتم الرأي على ذلك. وفي اليوم التالي من الصبح ركبت وتوجهت عند الدريعي ، وقطعت الفرات من الحلة ، وبعد خمسة أيام وصلت عنده. وكان بالهم مشغولا جدا بسببي ، فحكيت لهم جميع ما جرى ، فسرّوا جدا وحمدوني على ذلك. وبالحال أمر الدريعي بالرحيل والتقدم إلى حلة. وبعد قليل من الأيام نزلنا نواحي الحلة. وحين رأونا (٢) قطعوا نهر الفرات. وحضر عندنا كل كبار قبائلهم مع فارس الجربا. فنهضنا للقائهم واستقبلناهم بكل إكرام وعز ، واجتمعوا كلهم مع كبار قبائلنا في بيت الدريعي. وكان مجلسا عظيما. فابتدأ بعض الحاضرين يتكلم ويعتب عما مضى. فقال ضويحي : يا جماعتنا ، العتاب للنساء ليس للرجال. ثم نهض (٣) قائما وأخذ سبع حصوات وطمرها في الأرض ، وفعل كما ذكرنا سابقا عن عاداتهم ، حين تصالح مهنا مع الدريعي وطمر الحصوات. فصار الفرح وأيقنوا بالصلح الأكيد لأنهم متى طمروا الحصوات كان صلح ١ / ٩٦ حقيقي من غير / انتقاض قطعا.
ثم حضر الطعام فتغدينا وتحالفنا على الخبز والملح. وبعد الغداء صارت خلوة خارج البيت مع رؤساء قبائلهم وقبائلنا ، وقرأنا لهم ورقة الشروط الأصلية مرة ثانية ، فقبلوا بها وازدادوا رغبة حين رأو العدد الكبير من الختوم الموضوعة بها فضربوا جميعهم ختومهم وأسماءهم بها. وهم ضويحي ابن اغبين أمير قبيلة الفدعان ، عشيرته تحوي على خمسة آلاف بيت ، جميعهم فرسان مجربون بالحرب والقتال ومشهورون. وأيضا علي ابن حريميس ، شيخ قبيلة
__________________
(١) «وسيحة» ، (؟) كذا.
(٢) أي ضويحي والقبائل التي معه.
(٣) «فزّ».