المفتخرة الملونة. وأما المحل الذي هو الديوان ، فهو مفروش بالحصر ، وسجادات الصوف ، ومخدات وجوهها صوف ، من شغل اليمن لا غير.
فبعد ما جلس الدريعي ابتدأ يسلم عليه بهذا الكلام. عساك طيب يا ابن سعود ، عساك عدل ، لعلك مبسوط (١) وهو يرد عليه : لله الحمد طيب يا ابن شعلان ، ولكن بوجه عبوس يرد السلام. ثم جلسنا نحو نصف ساعة ، فما أمر بالقهوة ولا تكلم ، فهذه علامة الغضب.
فبعد ذلك قال له الدريعي : ما لي أراك يا ابن سعود عابسا فينا ولا تتكلم معنا؟ نحن وطأنا محلك والآن عندك ، فتكلم بالذي في قلبك علينا. فردّ عليه الوهابي قائلا : أنت عليك ذنوب كثيرة ، وأفعالك لا تغفر ، أولا عصيت علي ، ثانيا ضربت قبيلة بني صخر التي في بلاد الجليل مع علمك الأكيد أنها تلوذ بي ، ثالثا أفسدت العربان علي وجعلت لك حزبا ضدي ، ١ / ١٠٧ رابعا / كم وكم من الغزوات التي أرسلتها أنا فطلعت ضدها وضربتها وسفكت دماءها وعطلتها عن أوامري ، خامسا قويّت الروم يعني العثمانيين عليّ في مادة حماة ، وكسرت عرباني وأخذت أموالها وسفكت دماءها حبا بخاطر العثماني ، الذي هو أكبر عدو لله من القوم المشركين ، شرابي المنكر ، لوطيين (٢) ، وغير وغير أشياء لا تعد من التي فعلتها ضدي وقصدت بها تدميري وخرابي. فإذن مالك عندي سماح أذهب إلى قناقك.
فاحمرت عيون الدريعي ، ودخل عليه الغيظ والحمق ، ونهض قائما وتوجهنا جميعنا إلى قناقنا ، وجلسنا في تفكير ووسواس أشكال وأشكال. وتجنبنا جميع الناس الذين كانوا عرفونا ، ولم يبق أحد يقترب مننا ، ودخل علينا باب الخوف ووقع بنا الندم على رمي أرواحنا بيده ، وصرنا نلوم بعضنا بعضا على ما فعلنا ، وصارت الناس تتحدث بقلة عقولنا وحضورنا إلى عنده ، لأن الجميع كانوا على يقين وتأكدوا أننا مقتولون من كل بد ، ودون أقل شك ، لمعرفتهم بطبع السلطان ، [فهو] غدار ، مكار ، خائن ، دموي ، مترفض. فأقمنا تلك الليلة وذلك النهار من غير أكل ولا شرب ، ولم يدخل أحد علينا خشية ، لأننا صرنا من المغضوب عليهم ، حتى أننا ما كنا نجرأ أن نخرج خارج المنزل (٣) ، وحرم علينا النوم من شدة الفكر
__________________
(١) مسرور.
(٢) «لواطية».
(٣) «المنذول».