وسحن أميرهم ، ووراءه عدة قبائل وعشائر لا تعد ، جميعها تطالب بدمي ، فكن على بصيرتك وافتح عينيك ولا تقل ما أنذرتك على فعلك الرديء معي. فتبسم بضحكة خفيفة وصار يلعب بذقنه (١) ثم قال : قم ارجع إلى محلك واسترح ، لا يصير إلا الخير. وأمر العبيد إلا يعودوا إلى الحوطة علينا. فرجعنا إلى منزلنا وحالا (٢) وصلنا الغداء من بيت أبو السلام. فاطمأنينا نوعا ما وسكن روعنا. ولما كان الغد استدعانا عنده فحضرنا وأظهر البشاشة والميل إلينا ، وأمر بالقهوة لأننا إلى الآن لم نكن قد شربنا قهوته. وبعد ذلك سلم على الدريعي سلام المحبين ، وسأله عن الذين معه كل واحد بمفرده ، إلى أن صار الدور لي ، فقال له : هذا عبد الله الخطيب. فالتفت إلي وقال : أنت عبد الله الخطيب النصراني؟ قلت : نعم أنا هو. قال : يظهر أن فعلك أكبر منك. قلت : نعم يا ابن سعود ، وما هذا بعجيب فالرصاصة صغيرة ، وتقتل سلطانا كبيرا. فضحك وقال : قد حققت جميع ما قيل لي عنك. ولا أريد منك سوى سؤال واحد أريد أن تجيبني عليه بالصواب وتقنعني. قلت : وما هو؟ قال : هذا الرباط الذي لكم خمس سنوات تشتغلون به ما هي الغاية منه؟ فقلت : يا سيدي هذا شيء واضح كالشمس فنحن بوساطة الحرية عملنا على اتحاد القبائل ، وجعلناها روقا (٣) واحدا مع بعضها ، وجعلنا على رأسها الدريعي ابن شعلان وذلك لامتلاك عربستان كي نكون حصنا لك في وجه الأتراك (٤). قال : قوي مناسب ، ولكن لماذا حين حضر الجيش من طرفي منعتوه عن أخذ حماة وبذلتم جهدكم في تدميره / وكسره؟ قلت : صحيح لأن مرادنا أن نملكها نحن لا أن تملكها أنت. وبعد امتلاك عربستان (٥) وتدبيره وترتيب حكمه كما يجب ، فعندئذ نعمل الاتحاد معك ونكون على سوية لأننا جميعنا عرب ، وجنس واحد ، وحاشا أنك تقسو علينا أو نقسو عليك. ونحن لم تزل هذه نيتنا ، وما حضرنا عندك ، يا ابن سعود ، إلا لأجل إتمام ذلك وربطه ، وعقد الشروط الواجبة فيما بيننا ، لتقويتنا وتقويتك واتحادنا معك. وبما أن هذه غايتنا فإن الدريعي تكدر جدا نهار أمس وتكلم بكلام غير لائق ، لأنه يريد هو تقويتك
__________________
(١) لحيته.
(٢) وصول الغداء بهذه السرعة إلى عدد كبير من الأشخاص يدل على أن ابن سعود كان أعطى الأوامر بهذا الخصوص قبل أن يتكلم الدريعي معه.
(٣) «روك» ؛ والروق : القرن.
(٤) «في وجه باب الأتراك».
(٥) في المخطوطة : «بعد امتلاك عرب» ، وهذه العبارة لا معنى لها.