فقال له الدريعي : يا أبو السلام ، أريد منك ، بحق ذمة (١) العرب ، أن تروح عند ابن سعود وتقول له : الدريعي يريد أن يكلمك خمس كلمات وبعدها افعل الذي تريده يدك ولا تتوان (٢). فذهب أبو السلام وقال له ذلك بحضور جمع كبير كان موجودا عنده. فصار الحاضرون يشيرون عليه أن أرسل وأحضر الدريعي واسمع ما هو كلامه. وإن كنت تريد قتله فيمكنك أن تقتله في أي وقت أردت. فأذن بمواجهته. فحضر أبو السلام مرة ثانية وتوجهنا معه جميعنا ، فدخلنا وسلمنا حسب العادة وجلسنا بآخر الناس. فقال ابن سعود : «ما هو الكلام الذي تريد أن تقوله لي ، تكلم به». فقال : اعلم يا ابن سعود أنني الآن بيدك ، وليس معي غير أحد عشر نفرا وأنا ، ومن المؤكد أنه لا يمكنني أن أقاتلك بهم إذ من المعلوم عندي أن عندك [مثلهم] ألوفا وربوات ، فإن نفخت علينا تعملنا رمادا ، وهذا شيء مؤكد. ولكن كن على حذر ، وحياة الله الذي لا يعبد سواه ، من حد أبواب الهند الشرقي (٣) إلى العجم والجزيرة والبصرة والحماد وعربستان و [من] بلاد حوران إلى حد أبواب نجد ، كل من لبس على رأسه كوفية يطالب بدمي منك ويأخذ ثأري (٤). فإن كنت سلطانا حقا وتدعي بالعروبة ، فمن العيب عليك أولا الخيانة التي هي صنعة العثماني المشهور بها ، وثانيا الغدر فهو ليس من شأن الملوك الأقوياء (٥) بل للعاجزين. فجيوشك كثيرة وسيفك طويل. فإن كنت حقا أنت الوهابي سلطان العرب والحجاز واليمن ، ردني إلى مكاني وخذني بقائم سيفك ، فيكون لك الفخر بذلك. وإن قتلتني بالغدر والخيانة يكون ذلك سقوطا لفخرك ، وحقارة لشأنك ، وخرابا لملك وتدميرك للأبد. وأكثر من ذلك ليس عندي ما أقول. فافعل ما تريد يا خاين عهود العرب وبوّاق (٦) في من يدعس بساطك ، وسوف تندم ، فما أنا إلا واحد من جملة ٢ / ١٠٨ ألوف / وصفوف ، إن قتلت لا أنقص وإن بقيت حيا لا أكثر ، تسلم طائفة بيت شعلان
__________________
(١) إن الحلف بذمّة العرب من أعظم الأقسام ، وأغلظها استنادا إلى الأعراف البدوية ، وفي هذا المعنى يقول الشاعر المخضرم متمم أبو نويرة :
أدعوته بالله ثمّ قتلته |
|
لو هو دعاك بذمّة لم يغدر |
(انظر كتاب الأغاني ج ١٤ ، ص ١٥٥ ، بيروت ، دار الحياة ، ١٩٥٧).
(٢) «وما تطوّل».
(٣) كذا ، والصواب الغربي.
(٤) الدريعي يتكلم بهذا الكلام لأن جميع العرب الذين ذكرهم دخلوا معه بالرباط وأصبح رئيسهم.
(٥) «الطايلة».
(٦) الخائن ؛ في مصطلح أهل البادية البوّاق هو الضيف الذي يخون صاحب البيت الذي أضافه.