ونحن نعلم أننا من جراء هذا التصرف بنص الكتاب قد نتعرض لنقد الذين يحرصون على الأمانة اللفظية ، مع أن تصرفنا بقي محصورا في نطاق اللغة والنحو وبذلنا ما في وسعنا لنحافظ على ألفاظ المؤلف وتعابيره بعد ردها إلى الفصحى. وجوابنا أن لو لا هذا التصرف لصعب جدا نشر هذه المخطوطة. ونحن لم نقم بهذا العمل الشاق الدقيق إلا ليصبح كتاب الصايغ سهل القراءة ، على متناول يد كل ناطق بالضاد ، ولو بقي على علاته لاستفاد منه خاصة الحلبيون وعلماء اللهجات وقد راعينا حقوق هذه الفئة من الناس ، إذ ذكرنا في الهوامش كل ما له صلة باللهجة العامية ، كما افردنا فهرسا للكلمات الفنية والأجنبية مع شرحها ، وفهارس للأعلام والأماكن والقبائل.
وعلى ذكر أسماء الأعلام لا يسعنا إلا أن نردد ما كتبناه في مقدمة «بغية المستفيد» من صعوبة ضبطها ، إذ ليس لها من قاعدة ، وقد أهمل المؤلفون المعاصرون هذه الناحية ، فنكاد لا نجد أسما مضبوطا في «معجم القبائل القديمة والحديثة» لعمر كحّالة ، أو في «عشائر الشام» لوصفي زكريّا. ولكن دقة اللغات الأوروبية لا تسمح للمؤلف أو المحقق أن يختار من الأمرين ما هو أسهل عليه ، ولا بدّ من ضبط صحيح ، إذ عليه أن يكتب جميع الحروف الصوتية والصامتة (١).
***
يقول المثل الحلبي : «أعرج حلب وصل إلى الهند». وقد حقق فتح الله الصايغ هذا القول السائر أو يكاد لأنه كان صحيح القدمين. ولكنه زاد عليه إذ ابتدأ برحلته وهو في العشرين من عمره ، ووصل إلى الهند عبر الصحراء ، بعد أن قطع بادية الشام واجتاز مفاوز العراق وإيران ، تم ذهب إلى الدرعية عاصمة الوهّابيين ، ووصف بدقة كل ما شاهده ، وأبقى لنا مذكراته التي تعد بحق من التراث القومي السوري العربي.
__________________
(٢٢) أما معجم القبائل المملكة العربية السعودية للشيخ حمد الجاسر ، فإنه مضبوط ومشكل طبق المرام ، انظر هامش رقم ١.